أزيرار: تداعيات رفع سعر الفائدة من طرف بنك المغرب

أزيرار: تداعيات رفع سعر الفائدة من طرف بنك المغرب أحمد أزيرار
على هامش قرار بنك المغرب رفع سعر الفائدة الرئيسي إلى 2 في المائة، عوض 1.5 في المائة. وذلك عقب اجتماع مجلس بنك المغرب يوم الثلاثاء 27 شتنبر 2022. اتصلت "أنفاس بريس" الأستاذ أحمد أزيرار، جمعوي ومؤسس الجمعية المغربية لاقتصاديي المقاولة (AMEEN )، وأفادنا بالأجوبة التالية: 

ما أهمية سعر الفائدة؟
كان من المنتظر أن يتحرك بنك المغرب لما لوحظ من تواصل لارتفاع الأسعار واستمرار المسببات العالمية لذلك، وكذا إقدام البنوك المركزية عالميا على تقوية الانضباط المالي لسياساتها.
للتذكير إن السياسة الاقتصادية الظرفية ترتكز على محورين. السياسة الموازناتية (budgétaire ) وهي من تدبير الحكومة في ما يخص المداخيل والنفقات العامة، مع كل ما يتصل بهما من تدابير ظرفية ( جبايات، ضرائب، اقتراض داخلي وخارجي...). أما السياسة النقدية والمالية (monétaire) فهي من اختصاص السلطات المالية يدبرها تقنيا بنك المغرب  الذي له استقلالية في المجال، لكن تحت الإشراف السياسي لوزارة المالية. 
سعر الفائدة المرجعي هو الثمن التوازني بين الإدخار والاقتراض. أي ثمن التوازن بين طلب المال وعرضه في السوق المالية الداخلية. 
هذا السعر له تأثير فاعل على توازن السوق الأولى وهي سوق السلع والخدمات اي على مستوى الأسعار المطبقة في هته السوق. من هنا تأتي أهمية سعر الفائدة في الاقتصاد الوطني الحر، بحيث يعد المؤشر الهام لاستتباب التوازن الاقتصادي العام. 
في حالة التضخم، وبشرح مبسط، يتجه بنك المغرب نحو رفع سعر الفائدة المرجعي (ضمن إمكانات اخرى  متاحة له كميا وكيفيا) وذلك قصد رفع ثمن الاقتراض، مبتغيا من ذلك التأثير على طلب السيولة، وذلك ابتغاء انخفاض الطلب في سوق السلع ومن ثم هبوط مستوى الاسعار.  
هذا التدبير المالي غير كاف وحده لمحاربة التضخم الذي غالبا ما تكون أسبابه متعددة داخلية وخارجية وتهم العرض والطلب وهياكل الاقتصاد عامة. يجب إعمال تدابير أخرى موازناتية ظرفية وكذا تدابير هيكلية. 
المهم هو أن المسؤولين يعملون كذلك على ان لا يؤثروا اكثر على الاستثمار والتنمية الاقتصادية بالرفع المبالغ فيه لنسبة الفائدة خصوصا والتنمية متدنية ( 0.8% متوقعةهته السنة).  مشكل البطالة الذي قد ينجم عن ذلك هو أخطر اقتصاديا واجتماعيا.
 
هل سيكون لما قام به بنك المغرب أثر على المستهلكين؟
نعم إذا أنزلت الأبناك التدبير على أرض الواقع وبالسرعة الكافية. الوقع في النهاية قد يكون بدرجات متفاوتة بين الأجراء من جهة ومن لهم  دخول متنوعة. كما أن الأثر يختلف حسب موقع الشخص الفردي او المعنوي، هل هو في موقع المدخر أم المستثمر. هل يحتاج إلى سيولة أم له سيولة زائدة؟ معروف أنه في زمن التضخم تتغير اولويات الاشخاص والمقاولات. الاستهلاك قد يرتفع للخوف من أن تفقد النقود من قيمتها. كما ان الإدخار قد يحبذ الاتجاه نحو ميادين أكثر أمانا وربحية كالمواد الأولية أو الذهب أو العقار... كما أن المقترضين يستحب لهم أن يطلبوا قروضا بسرعة لما قد يربحونه إذا استمر التضخم في التنامي وقبل ارتفاع دائم لسعر الفائدة. 
المشكل هو أن سعر الفائدة وحده غير فعال خصوصا في اقتصاد فيه نسبة كبيرة من القطاع الغير مهيكل والذي لا يدخل كليا في الدورة المالية للبلاد. كما أنه يجب دائما سياسية متعددة التدابير، المالية والموزناتية منها قصد محاربة ناجعة للتضخم. كما أنه يجب الموازنة بين محاربة غلاء الاسعار ودعم التنمية الاقتصادية. واختيار انجع السبل لمحاربة التضخم ( دعم مباشر للمستهلك أو دعم غير مباشر عبر قطاعات معينة او المزاوجة بينهما). كما أن هناك إشكالية التنافسية الخارجية التي ينبغي دائما ان نحرص على ان تكون نسبة التضخم الداخلي اقل من نسب التضخم عند الدول المنافسة لنا خارجيا. هناك كذلك تأثير لسعر الفائدة ومترتباته على قيمة الدرهم يجب متابعته خصوصا والدرهم غير قابل للتحويل. أضف إلى ذلك وقع التضخم العالمي على المديونية الوطنية. 
كلها أمور تحتاج الى تتبع احترافي دائم وحذر، خصوصا وأن المناخ الجهوي والعالمي يؤثر جدا نظرا لانفتاح اقتصادنا، ولتغير هذا المناخ بسرعة. 
 
هل تحرك بنك المغرب كافي؟
ما قام به بنك المغرب مهم وسوف يستمر في مراقبة الأمور. هناك من جهة أخرى تدابير مالية واجتماعية سوف تتخذ في إطار قانون المالية. كما أن إصلاحات هيكلية هي قيد التطبيق يجب الاستمرار في اعمالها بنجاح ( التغطية الاجتماعية. السجل الاجتماعي الموحد. محاربة جادة للاحتكار والفساد كما يؤشر على ذلك الورقة الأخيرة لمجلس المنافسة. إصلاح الأسواق. تسريع إصلاح القطاع العام. والدعم الفعال للاستثمار المنتج والمجدد...).
 
ما هي توقعاتكم؟
الارتفاع المقرر ملائم لدعم السياسات الأخرى لمحاربة التضخم، كما أنه لا يعيق سير المقاولات والاقتصاد ولا يعيق جدا الادخار البنكي. تغير المناخ الداخلي المرتقب خصوصا إذا تهاطلت الأمطار، وكذا استمرار نزول أسعار الطاقة، وتحرك الاستثمار الخاص، قد يعيد نمو الاقتصاد سنة 2023 الى سكته التصاعدية.