نبيل ونبيلة: ما السر وراء تقاربهما ؟!

نبيل ونبيلة: ما السر وراء تقاربهما ؟! نبيل بنعبد الله ونبيلة منيب
عقد المكتبان السياسيان لحزب التقدم والاشتراكية والحزب الاشتراكي الموحد، الثلاثاء 27 شتنبر 2022، لقاءً مشتركا تبادلا فيه بالتشخيص والتحليل، بتعبير البلاغ الصحفي الصادر عن قيادتي الحزبين، السمات الأساسية للأوضاع العامة ببلادنا".
وكان من المنتظر أن ينعقد هذا اللقاء يوم الثلاثاء الماضي، كما سبق أن أعلن عن ذلك نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، في ندوة صحافية عقدها حزبه قبل أسبوعين، لكنه تأجل دون الإفصاح عن أسباب التأجيل.
"أنفاس بريس" تابعت تفاعلات وتعليقات بعض المنتسبين لليسار، ومنهم منتمون للاشتراكي الموحد، على هذا اللقاء الذي احتفت به قيادتا الحزبين بافتتاحه بندوة صحفية ترأسها الأمينان العامان بمقر حزب التقدم والاشتراكية بالرباط، الذي اعتبره بنعبد الله مقرا لحزب منيب. 
أحد المتتبعين لمسار الحزبين تساءل عما إذا حصل تناغم فكري وسياسي بين الطرفين يبرر هذا التقارب والإعلان عن التعاون - كما جاء في البلاغ - بين "حزب حكومي" ظل يشارك في جميع الحكومات المتعاقبة منذ 1998، وحزب معارض ظل يرفض خيار المشاركة في الحكومة ويربط ذلك بالدستور الذي ظل يرفضه، أم أنه مجرد تقارب ظرفي تكتيكي تمليه الوضعية التي يوجد عليها الحزبان، بعد أن أصبح حزب نبيل بنعبد الله خارج الحكومة، وحزب نبيلة منيب خارج فيدرالية اليسار الديمقراطي التي تتهيأ للاندماج.
وفي ما يشبه الجواب عن هذا التساؤل، علق آخر بأن هذا اللقاء المشترك لا يتناغم مع الخطاب الذي ظلت تردده منيب في السنوات الأخيرة في تعاطيها سواء مع الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أو مع حزب التقدم والاشتراكية، حيث ظلت تصفهما في تصريحاتها بـ"اليسار المخزني"، وتكرر أنهما بمشاركتهما في الحكومات المتعاقبة وتصويتهما على الدستور أصبحا من أحزاب المخزن. وها هي اليوم تعلن أنها تريد أن يتعاون حزبها مع حزب التقدم والاشتراكية الذي شارك في حكومة الاشتراكي عبد الرحمان اليوسفي، وفي حكومة التقنوقراطي إدريس جطو، وبعد ذلك في حكومة الاستقلالي عباس الفاسي، ثم في حكومتي الأصوليين عبد الإله بنكيران وسعد الدين العثماني، قبل أن يرفض رئيس الحكومة الحالي التجمعي عزيز أخنوش إلحاقه بحكومته، ليجد نفسه خارج الحكومة بعد 23 سنة من المشاركة الحكومية جنبا إلى جنب مع جميع الألوان السياسية.
وعلى إحدى صفحات الفيسبوك نقرأ تعليقا على اللقاء يقول: "لقد نضجت الشروط للتحالف مع أحزاب اليسار المخزني"، في إشارة إلى العبارة التي كانت نبيلة منيب ترددها لتبرير تأجيل الاندماج بين أحزاب فيدرالية اليسار الديمقراطي، حينما كانت ترد على من كانوا يستعجلون الاندماج: "لا يمكن أن نندمج قبل إنضاج الشروط".
ورجح فاعل سياسي، تحدثت إليه "أنفاس بريس"، أن يكون البرلمان، الذي دخلته منيب لأول مرة، وراء تقربها من بنعبد الله وانعقاد هذا اللقاء المشترك. ولتأكيد ربطه بين دخول منيب البرلمان ولقائها مع حزب بنعبد الله، أشار محدثنا إلى أن منيب استهلت كلمتها في الندوة الصحفية بالإشارة إلى تضامن حزب التقدم والاشتراكية معها حين كانت ممنوعة من ولوج البرلمان بسبب إخضاعها للإجراءات المتعلقة بالتلقيح، بعدما أعلنت رفضها تلقي التلقيح، وأنها ختمت مداخلتها بالإشارة إلى الوثيقة التي وضعها نواب التقدم والاشتراكية لمراجعة مدونة الأسرة، وعبرت عن دعمها لها ولما يمكن أن يطرحه نواب الحزب مستقبلا. وعلق المتحدث نفسه بالقول ربما تكون هذه الأشهر التي قضتها منيب بالبرلمان وحيدة بمقعد وحيد قد جعلتها تشعر بالعزلة، وهي الآن ربما تسعى إلى أن تستفيد من تحالفها مع حزب التقدم والاشتراكية إذا تم التنسيق معه على المستوى البرلماني، فقد تستفيد مما يمكن أن تتيحه لها مجموعته النيابية. وختم محدثنا تعليقه بالقول: "كان البرلمان سببا في خروج نبيلة منيب من فيدرالية اليسار الديمقراطي، واليوم قد يكون سببا في قربها مع حزب التقدم والاشتراكية."
ما ذهب إليه محدثنا كان قد ذكره أحد قياديي الحزب الاشتراكي الموحد في تصريح أدلى به لـ"أنفاس بريس"، قبل ثلاثة أشهر، عندما بدأ الحديث عن تقارب مرتقب بين حزبه وحزب التقدم والاشتراكية. فبعد أن نفى محمد بولامي، في تصريحه، أي توجه نحو الوحدة مع حزب التقدم والاشتراكية، أو نحو تشكيل إطار مشترك مثل الكتلة الديمقراطية سابقا أو فيدرالية اليسار الديمقراطي، أكد "أن كل ما يمكن الحديث عنه هو إمكانية تنسيق المواقف داخل قبة البرلمان بشأن قانون المالية مثلا أو مقترح أو مشروع إذا حصل التقارب والاتفاق بين الطرفين".