يوسف غريب: المحامون الجزائريون يترافعون في بيروت.. ضدّ الحقيقة والتاريخ!!

يوسف غريب: المحامون الجزائريون يترافعون في بيروت.. ضدّ الحقيقة والتاريخ!!
و(…إذ نؤكد على أهمّية الاتحاد ودوره في رصّ وحدة الصف العربي فإننا مطالبين اليوم بتكثيف الجهود لنبذ الخلافات العربية في ليبيا والسودان واليمن والعراق وخاصة النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء)..
لم يستطع رئيس اتحاد المحامين العرب ونقيب مصر الأستاذ عبد الحليم علاّم إتمام كلمته الافتتاحية لأشغال الدورة ببيروت نتيجة الصراخ والصياح والعويل الذي أطلقه الوفد الجزائري مباشرة بعد وصول كلمة الصحراء المغربية لآذانهم. وكأنهم برمجوا على ذلك قبل مغادرتهم ثكنة المرادية صوب بيروت..
هي عشرة دقائق لا غير.. كافية لفتح كل أبواب القاعة لتسهيل عملية خروج هذا الوفد بسرعة وبعودة لا رجعة فيها بعد أن لاحظوا تضامن كل نقباء العرب مع الوفد المغربي مرافقة بشعارات عن الوحدة المغربية...
كان هذا المستقطع القصير من الوقت كافياً أيضا لطرح أسئلة وتساؤلات لدى أغلبية الوفود العربية بطعم الاستغراب والحيرة من هذا السلوك الأرعن لمحامين متناقضين لا مع الارضية الفكرية والفلسفة الوحدوية لمنظمة اتحاد المحامين العرب فحسب، بل وأيضا مع فلسفة لمّ الشمل العربي الذي ترفعه الجزائر كشعار للقمة العربية المرتقبة هناك.
دقائق ليسقط القناع عمّن يفترض فيهم أن يترافعوا إلى جانب الحق والحقيقة وبقوة القانون والتاريخ انتصاراً لميثاق شرف مهنة المحاماة ودورها في مناصرة القضايا العادلة للشعوب عبر العالم.. وهوما سارت عليه كل مواقف وأدبيات اتحاد المحامين العرب كمنظَمة قومية تضع نصب أهدافها الوحدة العربية حصانة حقيقية ضد الانفصال للجغرافيات العربية..على اعتبار أن مهمة المحامي هو فن حلّ النزاعات وليس بدئها ودوامها كما هو شأن النظام الجزائري مما جعل البعض يصف انسحاب الوفد الجزائري بالعصيان ضد مبادئ وأسس وفلسفة الاتحاد الذي لم يسبق له أن احتج ضد بيانات سابقة تناصر القضية المغربية..
لا تفسير لذلك إلاّ انخراطهم الفعلي في هذه الحملة الممنهجة مؤخراً ضد المغرب ومصالحه الحيوية والاستراتيجية قبل القمة العربية خوفاً من الحضور المغربي وهو مؤشر إيجابي أيضاً بالنسبة إلينا كمغاربة للوقوف على عسكرة النخب هناك وخاصّة الحقوقية منها لتزداد تخوفاتنا على مستقبل هذا البلد الذي أودع كل مفاتيحه بجيب الجنرال شنقريحة ومن معه..
وإذا كان رئيس الاتحاد قد اتمّ كلمته بكل أريحيّة بعد إخلاء القاعة من ضجيج هذا الوفد الجزائري، فإن فعل الانسحاب في حدّ ذاته ليس جديداً على هيئة المحامين بالجزائر بل تمّ ترويضهم داخل الثكنة العسكرية منذ بداية الحراك، وانسحبوا في مناصرة كل قضايا الحرية والعدالة والكرامة للشعب الجزائري المغلوب على أمره. تماما كانسحابهم في الترافع عن سجناء الرأي السياسي هناك.
هم بهذه الحالة لا تأثير لموقفهم اليوم غير إرضاء جنرالاتهم بهدف بعض الامتيازات أو تفادياً للتوبيخ والتهميش.. فهم محامون بالحاجة إلى من يدافع عنهم كأسرى حرب داخل الثكنة العسكرية..
لذلك استمرّت أشغال الدورة ببيروت بكل هدوء مع استمرار المغرب تتمة الجدار الدبلوماسي لقضيتنا الذي وصل الآن إلى دولة كينيا وهي تتحوّل إلى معول مغربي سيهدّم قريباً كل العلاقات بجمهورية الوهم مع هذا العمق الإفريقي الانگلوساكسوني..
( فإفريقيا الإيديولوجية انتهت.. وأن لا مكان بعد اليوم في أفريقيا للشعارات الثورية.. وأن منطق المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار)
فكم كنت أتمنّى أن يقرأ الوفد الجزائري هذه التغريدة لـ"رايلا أودينغا": زعيم المعارضة الكينيّة المؤيد لقرار رئيسها بسحب الاعتراف بجمهورية الوهم.. بل وان يعملوا على إقناع حكامهم بهذه التحولات العالمية وببعدها القاري..
للأسف هم لا يقرأون. وأنّى لهذه العصابة أن تدرك أن عودتنا هي في الأصل التي دفعتهم إلى الانسحاب...لذلك ينسحبون من المعارك كخفافيش الظلام .. وغير بعيد ان نسمع عن الرئيس الجزائري تبون وقد انسحب من قاعة القمة بعد نشر الخريطة العربية والمغرب بصحرائه.. وينسحب بقية الوفد بعد تأييد كل الدول العربية للاقتراح المغربي لحل النزاع بالصحراء المغربية..
وقد يتركون الجزائر خاويا على عروشها بعد بدء كلمة الوفد المغربي بالعاصمة الجزائرية وبترديد اللّاءات الثلاث كما جاءت في إحدى خطب العاهل المغربي..
أما وفد المحامين الجزائريين فقد انسحب منذ الآن.. ولن يعود إلاّ بعد تطهير الاتحاد الإفريقي من جمهورية تندوف..
هو الانسحاب الفعلي.. والحقيقي.. والقادم في أقرب الآيام.....غير ذلك فالأمر لا يعدو أن يكون كفقاعات صابون..