أحمد نورالدين: معركة طرد جمهورية تندوف الوهمية من  الاتحاد  الافريقي خطوة مهمة على طريق الحسم النهائي للنزاع

أحمد نورالدين: معركة طرد جمهورية تندوف الوهمية من  الاتحاد  الافريقي خطوة مهمة على طريق الحسم النهائي للنزاع أحمد نورالدين
أن افتتاح القنصليات مكسب من بين مكتسبات ديلوماسية ثمينة حققها المغرب في السنوات الأخيرة، وتستحق منا الإشادة وكل التقدير، ومنها على الخصوص الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب الكاملة على أقاليمه الجنوبية، ومراجعة إسبانيا لموقفها باتجاه دعم المقترح المغربي كحل أمثل للنزاع، إلى جانب مواقف دول أوروبية وأمريكولاتنية، وطبعا دول عربية داعمة لوحدة المغرب وسلامة أراضيه ضد المشروع الانفصالي الذي يتبناه ويموله ويرعاه النظام العسكري الجزائري.
وعودة إلى الاتحاد الافريقي، ورغم أهمية هذه الاعترافات وهذه القنصليات إلا أن الهدف الإستراتيجي يبقى هو طرد جمهورية تندوف الوهمية من الاتحاد الافريقي، وهذا ما أشار اليه العاهل المغربي في رسالته الموجهة إلى القادة الأفارقة في قمة كيغالي عام 2016، حين قال بأنه يجب "تصحيح الخطأ التاريخي" الذي وقعت فيه المنظمة الافريقية حين قبلت عضوية كيان وهمي لا تتوفر فيه شروط العضوية كما كانت تنص عليها المادة الرابعة من ميثاقها آنذاك. 
وبالنسبة لسؤال كيف ذلك؟ سأتطرق لبعض المرتكزات دون تفاصيل حتى لا نفسد عنصر المفاجأة في معركتنا مع العدو، وأنتم تعلمون أن المفاجأة نصف الانتصار في الحروب الدبلوماسية كما العسكرية، ولكن من خلال منبر "الوطن الآن"  أنا أضع نفسي رهن إشارة من يعنيهم الأمر، وإن كنت أعتقد أن المغرب يتوفر على مئات العقول في مجال الدبلوماسية والعلاقات الدولية والسياسة والقانون ممن هم أجدر وأقدر على وضع الحلول والإجتهادات سواء في الجوانب المتعلقة بالقانون الدولي أو الجوانب السياسية والدبلوماسية لمقاربة طرد الكيان الانفصالي.
ولكن إجمالا، يمكن القول أن الأصوات التي تقول بأنه لا يمكن طرد ما يسمونه عضوا مؤسسا أو أنه يجب التوفر على  ثلثي الأصوات، ومع احترامي لهم فإنهم قد وقعوا في فخ البروباكاندا الجزائرية. وبكل تواضع أقول لهم بأنهم أخطأوا الطريق. وبتواضع أكبر منه أقول لهم بأن هناك طريقا أخرى وربما اكثر من طريق، يمكنها أن توصل إلى الهدف بكل اطمئنان وبقوة القانون، وما عليهم إلا أن يجتهدوا في قراءة النصوص القانونية وأن يجتهدوا في المقاربة السياسية، وأعتقد أن هناك دبلوماسيين ورجال قانون ممن لهم اجتهادات دقيقة في هذا الموضوع بل ومقترحات عملية، ولكن كما يقول المثل "مزمار الحي لا يطرب"، وحتى لا يصطاد أحد في المياه العكرة، أؤكد لكم بأني لست المعني بهذا الكلام، ولا أشير لا تلميحا ولا تصريحا إلى شخصي، بل أقصد قامات مغربية عالية لها كلمتها لمن يريد استشارتها والإستماع إليها.
بعد هذا التأطير يمكن أن أذكر بما قلته في مناسبات عدة في هذا المنبر وفي منابر كثيرة، وهي أن المقاربة يجب ألا تكون انفرادية حتى لا تتكرر تجربة الرسالة التي وقعتها 28 دولة افريقية صديقة وشقيقة سنة 2016، من أجل طرد الكيان الوهمي من الاتحاد الافريقي ولكنها بقيت حبرا على ورق. إذن يجب أن نتواضع ونشرك حلفاءنا الأفارقة منذ البداية في اي مقاربة لتحقيق الهدف المنشود.
ثم إن المقاربة ينبغي لها أن تقوم على ركيزتين، واحدة قانونية صرفة، والأخرى سياسية. ومن بين العناصر التي ستؤثث هذه المقاربة كون الاتحاد الافريقي هو منظمة للدول المستقلة ذات السيادة وليس ناديا للحركات الإنفصالية أو حتى للحركات التحررية إن وجدت. كما أن الكيان الوهمي لا يتوفر على مقومات الدولة، من السيادة على الأرض وعلى الشعب والمؤسسات التي تقوم على هذه الأرض، وغيرها من مظاهر السيادة الأخرى، كأوراق الهوية وجوازات السفر والعملة وغيرها كثير. 
وعلى نفس النهج لا ننسى المبادئ القانونية العامة ومنها أن ما بني على باطل فهو باطل، والكيان الوهمي كان قد تسلل إلى المنظمة الافريقية سنة 1982 في خرق تام لميثاقها آنذاك، وخاصة المادة الرابعة في أكبر عملية لشراء الذمم بالبترو دولار الجزائري، وأكبرعملية نصب واحتيال على الدول الافريقية شارك فيها الأمين العام للوحدة الافريقية آنذاك المدعو آدم كودجو الذي تواطأ مع النظام الجزائري. إضافة إلى ذلك، الخطة المغربية الافريقية يجب ان تشير إلى كون الاعتراف بجمهورية تندوف يتناقض مع مطالب هذا الكيان ومطلب النظام الجزائري في تقرير مصير ساكنة إقليم الصحراء، فإما أنها هذا الكيان دولة مستقلة وبالتالي يجب أن تتوقف تندوف والجزائر عن المطالبة بتقرير المصير لأننا لا يمكن أن نقرر مصير دولة مستقلة، وإما أن هذا الكيان ليس دولة مستقلة وبالتالي فلا يحق له إذن الحصول على العضوية في المنظمة الإفريقية إلا بعد أن يستقل ويتمتع بالسيادة على الأرض وعلى الشعب المزعوم.
إلى جانب ذلك، جميع الأفارقة يعلمون أن كل دولة إفريقية تنتمي إلى إحدى التكتلات الإقليمية، إلا هذا الكيان الوهمي فهولا ينتمي إلى أي تجمع اقليمي، ولو كان دولة حقيقية لكان من المفروض ان ينتمي إلى الاتحاد المغاربي، ونحن نعلم أن الاتحاد المغاربي الذي تنتمي له دول شمال إفريقيا ومنها الجزائر، راعية الانفصاليين، منظمة تضم خمسة دول فقط ليس منها كيان تندوف. 
هذه بعض العناصر في المقاربة ولا أريد أن  أتجاوزها إلى التفاصيل كما قلت لكم في البداية حتى لا نفسد على خارجيتنا عنصر مفاجأة العدو في هذه المعركة الدبلوماسية الحاسمة.
يبقى أن أعيد التذكير بأن طرد الكيان الوهمي من الاتحاد الافريقي مسألة ملحة واستراتيجية لأنه إذا بقي داخل الاتحاد فإنه سيعرض المغرب للابتزاز الدائم في لعبة سحب الاعتراف وإعادة الاعتراف وأنتم ترون ما قامت به العديد من الدول الافريقية بما فيها كينيا سنة 2006 أو ما قامت به دول من خارج إفريقيا مثل البيرو. كما أن استمرار هذه الخلية السرطانية في الجسم الافريقي سيعرض الموقف المغربي لهزات دبلوماسية عنيفة مع التجمعات الدولية كما حدث مؤخرا مع قمة "تيكاد" او ما حدث سابقا في القمة الأوربية الافريقية أو حتى في القمة العربية الافريقية سنة 2016. وهذه الهزات الدبلوماسية قد تمس مصداقية الدبلوماسية المغربية لأنها تحضر قمما وتقاطع أخرى مما قد يجعلها تناقض نفسها بنفسها. 
وأخيرا يجب القول بأن معركة طرد جمهورية تندوف الوهمية من المنظمة الافريقية خطوة مهمة على طريق الحسم النهائي للنزاع في اللجنة الرابعة للأمم المتحدة، والتي من دونها أي الحسم في اللجنة الرابعة سيبقى الجرح نازفا لا قدر لله، وهذا يستدعي تشميرا عن ساعد الجد من قبل الخارجية المغربية وعملا شاقا دؤوبا وتعبئة لكل مؤسسات الدولة وقواها الحية، والابتعاد عن الدونكيشوطية والإقصاء.
 
أحمد نورالدين/ خبير في العلاقات الدولية