منذ شهر تقريبا صار بإمكان عابري السبيل السيار انطلاقا من الدار البيضاء باتجاه المطار، أو باتجاه مناطق الوسط والجنوب أن يستمتعوا برشاقة إكرام القباج التي وهبت الفضاء العمومي واحدة من مخلوقاتها البديعة: ورقة الطريق، وذلك بمبادرة من المكتب الوطني للطرق السيارة في اتجاه أنسنة المكان وتأثيثه بالمجاز والجمال.
محمد بهجاجي
يتعلق الأمر بنصب عملاق بقياس سبعة عشر مترا وسبعة أمتار عرضا وقرابة ثلاثة أمتار ضاربة في الأرض. وقد أعدته إكرام بجهد إبداعي وتقني تطلب منها فترة عميقة من التفكير والإعداد حتى تصير هذه الورقة مورقة، وتتسجل بذلك كإبداع ثان في تاريخ الطرق السيارة المغربية، بعد نصب للفنان محمد المليحي مقام على الطريق القادم من الشمال باتجاه الرباط. أعرف إكرام..
أعرف مثابرتها من أجل أن تجعل المنحوتات معادلا لوجودها الشخصي، وسعيها إلى أن تجعل هذا الوجود مشروعا جماليا لرفع الغبن والعدوانية عن المكان حتى يصير أليفا وصديقا وذا أثر إنساني. وهو اختيار فني عانقته إكرام منذ عودتها من باريس إلى الدار البيضاء سنة 1989 لتكون بذلك أول نحاتة في المشهد الفني المغربي تكلم الصخر والمرمر وتبث فيه الروح. حدث ذلك في معرضها الأول بالمركب الثقافي للمعاريف. ثم تطور جهدها ليتخذ منحاها بعدا وطنيا ودوليا في كل من طنجة وفاس والصويرة والجديدة وتارودانت وعدد من عواصم العالم من خلال مشاركتها وتنظيمها لمحافل دولية بحضور رموز النحت المعاصر في العالم.
إكرام الصلبة كالحجر، الوديعة كالحالمات تمنحنا نحن المسافرين في الطريق السيار، هذه المرة، ورقة ظليلة لا يمكن لمشاهديها أن ينسوها، مثلما لا تنسى أوراق الحب التي يزرعها العشاق في حدائقهم السرية، أو يودعونها دفاترهم الأولى.
شكرا لنخبة ما في إدارة الطرق السيارة التي تتوق إلى تحديث رؤيتنا للمكان، وإلى إعطاء مساراتنا العمومية هذا المعنى.
شكرا لك إكرام.