الدبيش: عندما قال بوتفليقة أنه يرغب في وضع حصا تحت قدم المغرب..   

الدبيش: عندما قال بوتفليقة أنه يرغب في وضع حصا تحت قدم المغرب..    عبد الوهاب الدبيش
مات صاحب فكرة الحصا تحت قدم المغرب..
الموت حق على بني البشر مهما كانت أصولهم وألوانهم وجنسياتهم وهي الحقيقة المطلقة التي لا احد يشك فيها وفي هذا الباب لا يسعني كإنسان إلا أن أترحم على الرجل داعيا الله أن يتجاوزعن هفواته بوتفليقة؛ انتخب رئيسا للجزائر في شهر أبريل من سنة 1999 اي قبل وفاة الراحل الملك الحسن الثاني بأقل من شهرين ونصف. وأتذكر أن الرجل ارسل رسالة إلى الحسن الثاني يهنئه فيها بذكرىعيد العرش؛ وقد رأيت أن الرسالة تجاوزت الأعراف الدبلوماسية في طبيعة اللغة المستعملة إلى حد المدح المبالغ فيه، وكان مما علق بذهني من هذه الجمل أن يدعو بوتفليقة مع الحسن الثاني بطول العمر ودوام الصحة؛ وقلت  لزميلي بالمقهى أن هذه الرسالة خرقت العرف المتداول في خطابات رؤساء الدول؛ أكيد أن الرجل كان يعلم بمرض الملك الراحل وأنه على اطلاع بما كانت عليه حالته الصحية وهو ما دفعه إلى اختيار كلمات تلائم معطياته.   
الصورة الثانية التي لم تغادر مخيلتي إلى اليوم هي وجود بوتفليقة في الصف الأمامي وراء النعش الذي حمل المرحوم الحسن الثاني إلى مثواه ويده لم تفارق النعش طيلة أربع ساعات من رحلة الجنازة وحتى بلوغها ضريح محمد الخامس بالرباط.
أعتقد ان كل المراقبين مثلي شاهدوا الرجل في بعض الحالات يسبق ولي العهد الملك محمد السادس في مصاف الحاضرين لموكب الجنازة !! وقلت أو تخيلت أن الرجل ربما يعيش حالة من التفكير السلبي ضد الراحل باعتبار الحسن الثاني طيب الله ثراه كان من ألد خصوم الرجل، وأحد الذين لا يروقون لبوتفليقة ، ما جرى من احداث بين أبريل 1999 و 2019 ؛ لكن الرجل كان حريصا على أن لا يحيد عن الخط التحريري الذي رسمه له واضعوه من الجنرالات في المؤسسة العسكرية.. 
أول الإشارات أنه استغل حادثة بني ونيف التي حدثت في نهاية غشت أي أقل من شهر ونصف على وفاة الحسن الثاني ليقوم بجولاته المكوكية في الغرب الجزائري المحاذي للمغرب ليكرر اسطوانة الخلاف بين البلدين ويستعرض رأيه بخصوص الطريقة التي ذكره بها احد الجالسين بقاعة من قاعات تلمسان؛
ثاني مؤشر كان بعد زيارته الأولى لفرنسا محتل الأمس ليؤكد مرة آخرىللصحافيين الفرنسيين في باحة الاليزي أن العلاقات بين المغرب والجزائر هي نفسها من الحسن الثاني إلى محمد السادس..
الرجل كان ذو قدرة بارعة في وضع الكلمات الدبلوماسية في مكانها الصحيح ،وكان أيضا إلى جانب هذه الموهبة رجل يحسن لعب الأوراق الدبلوماسية في وقتها المناسب .
كنا نعتقد قبل حادثة بني ونيف أن الرجل سيعمل على فتح الحدود ولم يفعل!؟ فهل كان يخاف من نزوح أكثر من ثلاثة ملايين شخص من الجزائر إلى المغرب لقضاء عطلتهم الصيفية أو أنه اعتبر أن البحث والتنقيب على البترول في شرق المغرب قد يمس مباشرة المصالح الإستراتيجية لمخزونه الغازي والنفطي ،على أي،، الرجل اعترف بمغربية الصحراء في مناسبتين الأولى في جلسته الحميمية مع إحدى المذيعات الشهيرات بلبنان وقناة (ام بي سي).
والثانية في جلسة حميمية ايضا مع الفاروق القدومي ابو اللطف الذي سأله عن القضية فكان رده انه يعترف بمغربية الصحراء لكنه يرغب في وضع حصا تحت قدم المغرب حتى لا يتطور او حتى لا يطالبهم باراضيه المنهوبة في الصحراء الشرقية من بشار الى توات ،نحن لا نريد من بوتفليقة أن يعترف بمغربية الصحراء ولا أن يهمس بهذا الإعتراف إلى مجالسيه في حميميته فنحن أعلم الناس قبل غيرنا بأحقية المغاربة في أراضيهم بل نملك نصوصا وخرائط دولية وغير مغربية تشهد للتاريخ قبل السياسيين ان المغرب حدوده الجنوبية تنتهي عند نهر السينغال!!
ما يهمنا من عارض حدث وفاة الرجل أن المغاربة  عليهم ان يضعوا في حسبانهم ان جوار السوء لن يتركنا ننعم بأرضنا وأن علينا أن نغير استراتيجيتنا في علاقاتنا بهذا الجوار إلى الحد الذي يغيبهم عن المشهد السياسي والجيواستراتيجي في الأفق القريب قبل المتوسط،، فهؤلاء لا يملكون عمقا تاريخيا يمنع عنهم الإندثار لأنهم مثل لقيطي التاريخ الذين يحتلون مساحة زمنية في زمن التاريخ لكي يذكرهم الزمن كفيلق من المرتزقة الذين يشوشون على أبطال وصانعي الأمجاد..
على أي حال رحم الله بوتفليقة وغفر له وتجاوز عن سيئاته…
عبد الوهاب الدبيش  أستاذ التاريخ