وصف يحيى مطواط (رئيس الفضاء المغربي الإيطالي للتضامن) ظاهرة سحب الأطفال من الأسر العربية والمسلمة بإيطاليا بالكابوس الذي يقض مضجع المهاجرين وضمنهم العائلات المغربية في غياب إحصائيات دقيقة حول ظاهرة التفكك الأسري والمشاكل العائلية التي فاقت كل التصورات.. موضحا أن الأطفال يدفعون ثمن ارتفاع نسبة الطلاق في صفوف المهاجرين.
وأشار محاورنا أن المجتمع الإيطالي يعاني من الشيخوخة، وهو الأمر الذي يفسر حاجة الدولة الإيطالية للأطفال من خلال التشجيع على الولادة ومن خلال تقديم المساعدات للأطفال المزدادين من طرف الحكومة الإيطالية، مضيفا بأن أطفال المهاجرين يتحولون إلى لقمة سائغة لدى مصالح الرعاية الاجتماعية الإيطالية في حالة وقوع مشاكل بين الزوجين، وهي مشاكل عادية ويمكن أن تحصل في أي أسرة سواء كانت ايطالية أو من أصول مهاجرة، ونظرا لجهل هؤلاء للقانون واللغة الإيطالية في معظم الأحيان، الأمر الذي يسهل وقوعهم في مصيدة المصالح الاجتماعية الإيطالية، وبالتالي حرمانهم من الحضانة.
وقال المطواط إن عدد من زوجات المهاجرين وبعد وقوع مشاكل مع أزواجهن وبدل حل هذه المشاكل في أجواء أسرية يلجأن الى المصالح الاجتماعية الإيطالية، الأمر الذي يؤدي الى تفاقم هذه المشاكل بدل حلها حيث تقدم لها وعود بالظفر بمستقبل واعد، ويتم أخذهن الى مؤسسات الرعاية الاجتماعية حيث يتم التكفل بمأكلهن ومشربهن، بل الأكثر من ذلك تمكينهن من الحصول على عمل، لكن كل هذا لا يدوم بحكم التجربة -يضيف- لأكثر من سنة، وبعد يتم التخلي عنهن مع الاحتفاظ بأبنائهن بذريعة عدم وجود عمل شاغر.
صحيح أن لكل حالة لانتزاع الأطفال من أسرهن ملابساتها وظروفها، ولكن -يتابع محدثنا- أغلب الحالات تتم تحت ذرائع واهية وليس مبررات معقولة، علما أنه في العديد من الحالات تكون هناك مشاكل عائلية عادية لا تقتضي سحب الأطفال وهي مشاكل يمكن أنت تقع حتى لأسر إيطالية.. لكن للأسف، يقول المطواط، الأنظار تركز فقط على المهاجرين، وخصوصا العرب والمسلمين.
وذكر محاورنا أن الأمر يتعلق بقصص محزنة للعديد من الآباء والأمهات والذين أصبحوا ممنوعين حتى من التواصل مع أبنائهم أو زيارتهم، مشيرا إلى أن شريحة كبيرة من الإيطاليين تتعاطف مع هذه الفئة والتي ترى أنه لا شيء يبرر حرمان الآباء من أطفالهم وفقا لهذا الشكل، وإن كان لا ينفي وجود حالات تبرر سحب الأطفال وهي حالات تتعلق بعجز الآباء عن تربية أبنائهم لأسباب معقولة (العنف، الإدمان، العجز عن الإنفاق، فقدان القدرات العقلية أو الذهنية..)، لكن الظاهرة تتم -وفق محاورنا- في معظم الأحيان لأسباب واهية، في غياب مساعدات من المصالح الاجتماعية الإيطالية من أجل تجاوز المشاكل الأسرية وهي مشاكل عادية ولا تخلو منها جميع الأسر.
وأكد محاورنا أن بعض الحالات كشفت عن وجود نوايا اجرامية من طرف "مافيا " تتخفى تحت ستار مصالح الرعاية الاجتماعية وتستغل ضعف وجهل المهاجرين بقوانين البلدان المضيفة من أجل حرمانهن من أطفالهم، وهو الأمر الذي تطرقت له وسائل الإعلام الإيطالية منذ ثلاث سنوات، حيث يباع الأطفال الذين تم سحبهم من أسرهم لأسر ميسورة، وضمنهم المهاجرة المغربية مينة غياث التي وجدت نفسها ضحية شبكة كبيرة تضم أطباء وقضاة ومعالجين نفسيين ينتمون لمؤسسة للرعاية الاجتماعية، حيث تم حرمانها من أطفالها الذين تم تسليمهم لأسرة ميسورة مقابل مبالغ مادية، لكنها لم ترضخ لهؤلاء حيث ناضلت لفترة طويلة لم تخلو من ترهيب وصل حد سجنها، قبل أن تتمكن من استعادة حضانة أبنائها.
وقال أيضا أن الأسر المهاجرة في ايطاليا تعيش هاجس الخوف الدائم من سحب حضانة أبنائهم لسبب بسيط، فمجرد بكاء الطفل في سوق ممتاز لفترة ليست قصيرة قد يثير الانتباه، والأدهى من ذلك أن مجرد خدوش بسيطة في جسم الطفل نتيجة لعب الطفل مع أخيه أو أخته قد يعرض الطفل للاستنطاق داخل المدرسة في محاولة لنزع اعتراف بوجود تعنيف من طرف الأب أو الأم، وأي اعتراف للطفل بشهادة مربيته أو مدرسته يعني سحب الحضانة من الأبوين من طرف مصالح الرعاية الاجتماعية .
ودعا المطواط الأسر المتضررة إلى ربط الاتصال بالمنظمات المتخصصة وضمنها جمعية la caramella buona والتي تعمل على مؤازرة الأسر بالمجان، كما دعا الى توعية أسر المهاجرين بحل مشاكلهم بأنفسهم دون ربط الاتصال بمصالح الرعاية الاجتماعية، علما أن ضحية هذه المشاكل هم الأبناء، كما حذر من الانخداع بوجود وعود من مصالح الرعاية الاجتماعية بالظفر بـ "الجنة" علما أن هدفهم الأخير هو كسب الأطفال بسبب معاناة المجتمع الإيطالية من الشيخوخة.