محمد بن خالي: الاستشراق الجديد

محمد بن خالي: الاستشراق الجديد
في مثل هذا اليوم  تقريبا من شهر غشت قبل ثلاث سنوات من الآن، وفي خطوة غير مسبوقة، نظمت جمعية الوحدة والتنمية لقصر القصبة الجديدة  بمدغرة الرشيدية ، سلسلة محاضرات حول قضايا الاستشراق الجديد، القاها الصحفي عبد الحميد العوني، كأول جمعية مغربية تخوض في مثل هذه القضايا المستجدة والشائكة  في الساحة العربية الإسلامية، بعد افول قضايا الاستشراق الكلاسيكي القديم، الذي يشهد له أنه خدم الكثير من قضايا الإسلام رغم مزالقه الأيديولوجية المتعددة، إلى أن ظهرت علينا موجة ما يسمى الاستشراق الجديد، وهو قضية مستجدة يدعي أصحابها توظيف المنهج العلمي  للخوض في قضايا التراث، لكن  يبدو ان ليس هناك  لامنهجية ولا أفق فكري  واضح  يؤسس لنقد حقيقي لتاريخ الإسلام  أو مايسمونه الإسلام التاريخي، بل مجرد نقد ونقض من هنا ومن هناك وانتقال عبثي من موضوع لاخر، دون اسس منهجية واضحة  وبدون  وحدة موضوعية،  فقط في كل مرة يأتون  بكلام بعيد عن العلمية والاعتماد على الضنية وكلام يناقض سابقه، من قبيل :
 
أن مكة كانت بالأردن أو ربما قرب القدس، وأن إسم محمد هو المسيح وهو الممجد وهو المحمد ويعترفون بوجوده الحقيقي،  وفجاة يدعي اصحاب هذا الطرح  أن محمد  صلى الله عليه وسلم، ليس له وجود حقيقي  وأنه مجرد أسطورة، وأن القرآن الكريم مجرد نقل عن السريانية والارامية، وأن معاوية مسيحي  وأن محمد ظهر في غزة وأن الإسلام هرطقة  مسيحية  وغيرها من الترهات والكلام التافه). 
 
في إنكار فاضح وسقوط مدوي  وتناقض سافر مع كل  مخلفات الإرث الإسلامي وحتى الإرث الغربي المسيحي  المنصف لكن يبدو أن هذه العبثية اغرت البعض وسلبت عقله وتركته مشدوها للكلام المعسول والمصطلحات البراقة، وادخلت الكثير من شباب المنطقة في موجات إلحاد وشك وريبة في دينهم الإسلام وترك لمعتقداتهم، واخرهم المدونة المغربية مايسة سلامة الناجي التي تركت الإسلام والصحفيان سعيد  بن جبلي ومصطفى الحسناوي وغيرهم .
 
ويتزعم هذه الظاهرة في العالم الإسلامي اقلام تدعي العلم والمنهج  العلمي أمثال، رشيد المسيحي وبحيري ومحمد المسيح والمدعو وحيد المسيحي وانور مالك ويمكن ان اضيف السيد القمني واحمد عصيد ورشيد ايلال،  وصاحب الإسم المستعار الشهير المسمى كريستوف لوكسمبورغ اللبناني الألماني عن معهد انارة الألماني، وخزعل الماجدي  وابراهيم عيسى،  والكثير من الأسماء الإلحادية التشكيكية، كهالة وردي من تونس والسورية المقيمة بالغرب وفاء سلطان وغيرهم، فأصبحوا يوظفون كلمات تسحر عقول الشباب من قبيل: الفيلولوجيا والاركيولوجيا والكوديكولوجيا والباليوغرافيا والاثنولوجيا والانتربولوجيا  وغيرها من المسميات التي ظاهرها الحق وباطنها الباطل وتزوير الحقائق والافتراء على تاريخ الإسلام.
 
كل هؤلاء القوم فقدوا البوصلة واضلهم الشيطان واعمى ابصارهم وازاغهم عن الصراط المستقيم وزين لهم اعمالهم، نسأل الله لنا الثباث ولهم الهداية،  وعلى الرغم من اختلافي مع عبد الحميد العوني في بعض القضايا الفكرية، إلا أن الحق يقال، أن ردوده كانت قوية وصادمة وصلت إلى المدعو محمد المسيح ممثل معهد إنارة الألماني وتلميذ كريستوف لكسمبورغ، الذي تحدى الشباب والباحثين بأن يأتوه بدلائل مادية ومخطوطات تثبت وجود أسس حضارتنا الإسلامية وشخصياتها ومصادرها، فماذا بعد هذا الادعاء؟.
 
لقد طلب مني محمد المسيح في وقت سابق التوقف عن استضافة  عبد الحميد العوني لأنه يخرف حسب زعمه، لكن الحقيقة ان نقده اللاذع ربما ازعجهم كثيرا، خاصة بعد تفكيك مصادرهم التي يعتمدونها وبيان إفلاس وتناقض وضحالة أسسها:
كدوكترينا جاكوبي وعظة سوفورنيوس والحوليات المارونية ودراسة دومينيكو وغيرها من المصادر التي يعتمدونها للطعن  في حقيقة الإسلام. 
 
مرة أخرى اشكر كل أعضاء الجمعية على انخراطهم الواعي في قضايا الفكر والمجتمع  وفي كل مايخدم مصلحة ثوابتنا الدينية والوطنية، بعيدا عن اي منافع شخصية.