بعد الضجة التي خلفتها صور عطلة وزيرة السياحة المغربية بزانجبار وحجم المقالات والاحتجاجات المنددة بما أقدمت عليه في ظرفية جد صعبة يعيشها القطاع السياحي الذي لازال لم يخرج من منطقة الخطر، (حيث أن حجم النشاط المسترجع إلى حدود الآن لازال في حدود 55% من حجم ليالي المبيت مقارنة مع 2019).
كما أن الأزمة كان لها الأثر البليغ على مجموعة من المقاولات السياحية حيت أن قطاع كراء السيارات لوحده عرف إفلاس حوالي 3000 شركة، كما أن شركات النقل السياحي لازالت تعاني من تبعات الديون المتراكمة وغلاء سعر المحروقات التي وجدت نفسها مضطرة لتحمل تبعاته بالنظر للعقود التي سبق أن ابرمتها أخذا بعين الاعتبار أثمنة الكازوال السابقة في حدود أقل من 10 دراهم، قبل أن ترتفع إلى 15 أو 16 درهم، وهو ما يعني أن هاته الشركات ملزمة بتقديم خدماتها وهي تعلم مسبقا أنها ستتكبد خسائر مهمة.
ومن المعلوم أن المكتب الوطني المغربي للسياحة، قام بمجهودات جبارة من أجل تشجيع السياحة الداخلية عبر إطلاق علامة "نتلاقاو فبلادنا"، والقيام بعمليات إشهارية لكل الوجهات السياحية وذلك بإشراك المجالس الجهوية للسياحة في عملية الترويج هاته.
ومن المعلوم أن المغرب نظم عملية مرحبا سنة 2021، مع إعطاء امتيازات لمغاربة العالم ( تخفيضات في تداكر الطائرات والبواخر)، وهي العملية التي كللت بالنجاح حيت ارتفع عدد الوافدين للمغرب من 2,8 مليون سنة 2020 إلى 3,7 مليون سنة 2021 ( +32%).
كما أن المغرب قام بمجهودات كبرى من أجل إنجاح عملية مرحبا لسنة 2022، حيت تم إطلاقها يوم 5 يونيو ( عشرة أيام قبل التاريخ المعتاد) في سباق مع الزمن من أجل ربح الوقت واستقطاب أكبر عدد ممكن من مغاربة العالم وكذا السياح القادمين عبر المعبر البحري.
لكن صدمتي كانت قوية وأنا أستمع لاستجواب السيدة الوزيرة مع أحد المنابر المعروفة قبل أكثر من شهر من الأن تقريبا( الجواب في الفيديو حوالي الثانية 35 إلى 45)، حين سألها الصحفي عن المدن التي تحبها بالمغرب أجابت "مراكش".ولما سألها عن المدينة المحببة لها في العالم أجابت "اريس". وكنت أنتظر أن تقول مراكش كدلك أو الداخلة أو أكادير أو ورزازات أو العيون ( أليس المغرب أفضل بلد في العالم)؟ أليست الوزيرة مطلعة على الظرفية التي تمر بها العلاقات المغربية الفرنسية ( لمبدا التوقيع على شيك على بياض). ثم أضافت أنها ستقضي عطلتها في إحدى الوجهات الإفريقية.
هنا كان لابد أن يتدخل أحد مستشاريها قبل الاستجواب لتأطيرها، أو بعد الاستجواب لتنبيهها أن الظرفية لا تسمح بالسفر إلى الخارج ( إن كانت فعلا تريد النصيحة)، لأن قضاءها العطلة في هذا الوقت بالذات خارج المغرب ربما فيه نوع من المخاطرة.
لا أظن أن هذا الأمر ثم.
ما سيقع أخطر على ما أظن:
السيدة الوزيرة ربما سافرت لقضاء عطلتها ابتداءا من بداية غشت إلى 18 او 19 منه، لكنها لجأت إلى حيلة ذكية: لقد بدأت تنشر فيديوهات إشهارية ابتداءا من يوم 1 غشت. حيت بثت فيديوهات عن المعهد الدولي للتكوين بطنجة، ثم يوم 4 غشت فيديو عن التجارب السياحية ( مراكش نمودجا) ، ثم يوم 8 و 12 غشت فيدوهين عن السياحة بجهة سوس ماسة، ثم يوم 16 غشت فيديو عن الطبخ المغربي ثم يومي 18و19 غشت فيديوهين عن مدينة الصويرة.
وهي في تقديري عملية تمويه ربما أرادت من خلالها اقناعنا انها ربما اقتنعت بعملية "نتلاقاو فبلادنا"، وأنها تقضي عطلتها في المغرب كما تدعو المواطنين لذلك.
قال لي أحد الأصدقاء، ربما أرادت أن تطلع على تجربة تنزانيا في السياحة، وقلت له إن تنزانيا لم تستقطب سوى مليوني(2) سائح سنة 2019.
نسيت أن اقول له أنها كانت تقضي عطلتها و"تنطنز علينا"، بإرسال الفيديوهات عن الوجهات المغربية قصد تمويهنا من تنزانيا.
سأقولها وأكررها، دور الوزير أو الوزيرة استراتيجي في التصورات الكبرى للقطاع (جلب الاستثمارات الضخمة، الاعتناء بالسياحة الداخلية، تعزيز الربط الجوي، رقمنة القطاع و مواجهة التحديات الكبرى)، نشر الفيديوهات الإشهارية لها مختصيها في إطار العقود المبرمة مع مؤسسات الترويج.
ولا تنسي سيدتي الوزيرة : المسؤولية السياسية تتطلب التضحية و التكوين السياسي.
فهل أنت مستعدة لذلك؟