يوسف غريب: أحمد الريسوني والفتنة النائمة

يوسف غريب: أحمد الريسوني والفتنة النائمة يوسف غريب
100كلم تقريبا تفصل (كابل أنتريت) تحت أرضي اتصالات المغرب عن العاصمة نواكشوط مروراً بالصحراء المغربية طبعاً.. تمهيداً لأنبوب الغاز المغربي النيجيري..
وتتويجا لدور الشقيقة دولة موريتانيا وتعاونها الأمني والاستخباراتي أثناء أزمة الگرگرات؛ إضافة إلى موقف الحياد الإيجابي منذ اندلاع النزاع بأقاليمنا الجنوبية، وخاصة موقف الرئيس الحالي الذي فضّل الذهاب إلى العمرة عوض تلبية دعوة النظام الجزائري بحضور ذاك الاستعراض العسكري بجانب (بن بطوش).
في هذا السّياق والمناخ الإيجابي مع جارتنا الموريتانية كعمق استراتيجي لبلدنا نحو القارة الإفريقية بتزامن مع تعبئة الدبلوماسية المغربية بغلق قوس ملف الصحراء المغربية بشكل نهائي خلال هذه الأشهر القادمة جاءت تصريحات رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، العالم المغربي أحمد الريسوني لتقف على النقيض تماماً درجة الشك في هذه الخرجة وما خلقت من استياء وغضب داخل الرأي العام الموريتاني..
وقال الريسوني في تصريحات مصوره له، (إن وجود موريتانيا غلط، ويجب أن يعود المغرب كما كان قبل الاستعمار الأوروبي حيث كانت موريتانيا جزءا من المغرب.)
هذا التصريح وفي هذا التوقيت بالضبط ليس عاديا ولا بريئا لأنّه صادر من شخصية عمومية وذات وضع اعتباري من موقع الرئاسة لمنظمة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين هو الموقع الذي يسمح له معرفة دقة وظرفية المرحلة بكل تفاصيلها وجزئياتها أكثر من غيره.. وأنّ الحديث عن الشقيقة موريتانيا بهذه الطريقة لن يغيّر في الواقع أيّ شيء بقدر ما سيهدّم كل المجهودات الدبلوماسية المغربية في تحييدها من الصراع مع النظام الجزائري..
لا أظن أن السيد الريسوني لا يعرف هذه الحقائق أو أكثر. ولا أشك في كونه يعرف مسبّقاً ان هذا التصريح المستفز للشعبين المغربي والموريتاني قد لا يغير من الواقع أيّ شيء.. لأن موريتانيا دولة مستقلة وذات سيادة ولها مقعد بالأمم المتحدة وأن الدولة المغربية تتعامل معها بهذا المنطق منذ زمان آخرها برقية الرئيس الموريتاني لجلالة الملك والدعاء له بالشفاء
حتّى الغبيّ فينا لن يعتقد أبداً أن العلامة أحمد الريسوني جاهل بهذه المعطيات والحقائق مما يجعلنا نضع مسافة الحذر من دوافع وخلفية هذه الخرجة والتشكيك في نواياها..
صحيح أنك لا تمثل حزبا سياسيا مغربيّا.. ولا موقعاً رسميا بدواليب الدولة المغربية.. لكن في نفس الوقت أعطيت مادة مجانيا لأبواق النظام الجزائري وبسرعة البرق وعلى مسافة ساعتين من خرجتك لا حديث في القنوات الرسمية وجرائدهم إلا عن خرجتك وتصريحاتك وبعناوين بعيدة كل البعد عن الحقيقة..
منها مثلاً (فقيه العرش يعلن الحرب عن الجزائر ويدعو إلى المطالبة بموريتانيا..).. ( أدوات المخزن تتطاول على جزائر الشهداء) ..
بالإضافة إلى بيانات التنديد من طرف ثلاثة أحزاب جزائرية رغم أنه بصيغة واحدة جملة وفواصل.. وهذا معروف بهذا البلد فالمصدر واحد والأبواق متعددة.. لكن للأسف أيها العلامة قدمت لهم هدية لتعزيز اطروحتهم التي تتهم المغرب بالأ طماع التوسعية ومن جهة ثانية كي يتجاوزوا بها إحراج النظام الجزائري أمام العالم بعد الدعوة الملكية الثانية.. وهي بالفعل تشويش على المبادرة الملكية اتجاه الشعب الجزائري الشقيق.. بخلق مشكل ثان - وإن كان عرضياً - مع الشعب الموريتاني..
الأكثر من هذا وذاك لم اسمع عنك قط - على حد علمي - موقف أوتصريح حول قضية الصحراء وخاصة أثناء أزمتي الگرگرات.. وقضية بن بطوش مع إسبانيا او مع ألمانيا..
والآخطر في التصريح هو دعوة الشعب المغربي إلى مسيرة مليونية لتحرير تيندوف..
في الشكل هذا تطاول على اختصاصات جلالة الملك بمنطق الدستور المغربي باعتباره الوحيد الذي له صفة دعوة الشعب المغربي قاطبة إلى التعبئة الوطنية أيا كان هدفها..
أيضا من اختصاص جلالته دون غيره من المؤسسات الأخرى قيادة خارطة الطريق لاستكمال وحدتنا الترابية لا بمنطق الدستور فحسب بل وأيضا بمنطق البيعة المتجددة..
لهذا اعتبر خرجتك معاكسة لانتصاراتنا الدبلوماسية لقضيتنا الوطنية بل أعطت فرصة ذهبية للخصوم ومنصة للهجوم.. وبيننا الايام المقبلة دون أن تنتبه إلى موقف الدولة المغربية من تصريحات مماثلة للمغاربة مثل السيد شباط.. والسيد مزواري وغيرهم..
في انتظار ان تعتذر للشعب الموريتاني الشقيق ارجوك ان تبقى في مبحث مقاصد الشريعة الإسلامية وخاصة الجانب ذات الصلة بالفتن النائمة بين الشعوب...والإلحاح على عدم إيقاظها..