بن طلحة الدكالي: النداء الملكي أو جسور اليد الممدودة.. نحو المستقبل… 

بن طلحة الدكالي: النداء الملكي أو جسور اليد الممدودة.. نحو المستقبل…  بن طلحة الدكالي
لقد تفطن "مارتن لوتر كينغ"- زعيم أمريكي من أصول إفريقية- وهو يلقي خطابه التاريخي في 28 غشت 1963 إلى أربع كلمات شكلت حاضر أمريكا، لقد نظر "كينغ" إلى الحشد، وخطب فيهم قائلا: "أقول لكم اليوم يا أصدقائي، على الرغم من أننا نواجه صعوبات اليوم والغد، فإنه" لا يزال لدي حلم "، لتصبح جملة" لدي حلم "من أشهر العبارات التي لا تنسى على مر التاريخ.
 
هكذا يقدم لنا التاريخ النتائج والدلالات التي تمكن الدارس من معرفة الشعوب، وطريقة تفكيرها والأهداف التي قامت بتحقيقها، بالإضافة إلى مراميها وغاياتها.
 
واليوم يحق للتاريخ كذلك أن يسجل بمداد من ذهب، النداء الذي أطلقه ملك البلاد بمناسبة الذكرى 23 لتوليه مقاليد الحكم في البلاد، حيث أطلق نداء تاريخيا إلى الشعب الجزائري الشقيق، حيث قال:" إن الحدود التي تفرق بين الشعبين الشقيقين المغربي والجزائري، لن تكون أبدا حدود تغلق أجواء التواصل والتفاهم بينهما، بل نريدها أن تكون جسور تحمل بين يديها مستقبل المغرب والجزائر... ".

إن هذا الموقف الملكي التاريخي في خطاب العرش بما يحمله من دلالات رمزية، وماله من مكانة متميزة ضمن الخطب الملكية، هو إعلان رسمي بالتزام ملك البلاد من أجل بناء علاقات أخوية متينة بين بلدي جارين وشعبين شقيقين. إنها دعوة صادقة للعمل سويا من أجل بناء علاقات ثنائية، أساسها الثقة والحوار وحسن الجوار، من أجل مستقبل أفضل لصالح البلدين.
 
نعم إن الحدود التي تفرق بيننا نريدها أن تكون جسورا محبة وإخاء وسلاما، هكذا يصر العاهل المغربي على سياسة اليد الممدودة، وهو بذلك يكون على موعد مع التاريخ وفي مستوى رمزية وعمق المؤسسة الملكية ذات التاريخ الحضاري الطويل، واستحضار للمسؤولية التاريخية الملقاة على المؤسسة الملكية على مر تاريخ المغرب الطويل.
 
إن هذا الخطاب الصادق والذي يقابل القطيعة بالوصال والجفاء بالتقرب، لا يمكن أن يصدر إلا عن قائد دولة واثق من قدراته ومكانته، إنه النضج التاريخي والثقافي الذي تعبر عنه الملكية المغربية، مما يجعلها تتخذ المواقف والقرارات بناء على منطق العقلانية والواقعية والحكمة وثوابت المشترك التاريخي وأهداف المستقبل الموحد للشعوب المغاربية، سيما وأن التاريخ فرص تستغل ولا  تهدر، وليس مجرد وقت يمر، وموقفنا المشترك وحده يصنع قوتنا.

وإن تبادر إلى الصلح ومد الجسور، وبلدك في كامل قوته واستعداده، فاعلم أن ذلك يسمى السمو المغربي الذي طبع دوما تاريخ المغرب المجيد... إنها ثقافة الملوك وهي تعبر عن ثقة في النفس ورحابة صدر وشموخ إنساني يلخص حمولة عميقة في معنى أن تكون كبيرا