عبد الوهاب الدبيش: الذبان الإلكتروني الكرغولي والمغرب

عبد الوهاب الدبيش: الذبان الإلكتروني الكرغولي والمغرب عبد الوهاب الدبيش

ما بنته الايديولوجية الخروبية من أن الجزائر لن تقوم لها قائمة في ظل وجود ملكية مغربية بالجوار الغربي هو خلاصة تفكير وعصارة مخ نتن وعفن صنعه العسكر الهارب من الجيش الفرنسي ليخدر به عقول شعب وثق في ما قدم له أنه المنقذ الذي سيحرره من جبروت فرنسا واستعمارها الغاشم.

بذهاب فرنسا لم يبق أمام هذه الطغمة غير خلق عدو وهمي.

بدأت الفكرة باتهام المغرب بأنه دولة توسعية تريد قضم أراضي جزائرية موروثة عن الاستعمار وحقيقة الأمر أنها أراضي مغربية انتزعت غصبا طيلة قرن من الزمن وضمتها الدولة المحتلة إليها على أمل أنها ستبقى فرنسية مدى الدهر...

ثم انتقلت الحملة إلى التهجم على الملكية بالمغرب كونها "في نظرهم" تخدم مصالح المستعمر وتضرب المقاومة وتقلل من قيمتها ولم تنته هذه الحملة إلى اليوم ومع كل فترة كانت النوايا الحقيقية للعسكر هي زعزعة الاستقرار بالمملكة في أفق الانقضاض على البلد وعلى موقعه الاستراتيجي الهام للغاية.

الآن اتضح أن العسكر وصل إلى حقيقة عدم قدرته على ذلك، بل إنه الآن أمام حقيقة عدم قدرته على الدخول في حرب معه، لأنها ستكبده خسارة كبيرة أقلها انهيار منظومته ودخول البلد في مرحلة الموت الذي سيجهز على حلم الثورة واندحار الاستعمار وانتصار المقاومة والتقدمية (كذا)...

الطغمة العسكرية الآن تعيش حقيقة كبيرة هي موت فكرة اجتياح المغرب من طرف الجيش الذي لا يقهر وفي أقل من يومين؟!!

الذين يحققون انتصارات عسكرية كبيرة في معاركهم يتوفرون على أجهزة تحقق لهم المعلومة التي يمكن استخدامها في التوغل العسكري، لكن الجزائر لا تملك الآلة الاستخباراتية التي تؤمن لها الحماية من الوقوع في المحظور أي فقدانها شرعية التواجد أصلا في التربة التي تنطلق منها.

هجومهم المستمر على المؤسسة الملكية لم ينته ولن ينته لا اليوم ولا غدا ولا في المستقبل القريب والبعيد.

هذه حقيقة يعرفها المغاربة في وطنهم وخارجه، وهذا الهجوم البئيس وعديم الفعالية لن يجلب لهم غير الخيبة والخيبات أبد الدهر.

أولا لأن الملكية بالمغرب متجذرة في تقاليدها وفي بنياتها والتهجم عليها لن يزيدها غير إصرار في تحقيق النمو تلو النمو والازدهار تلو الازدهار، فلا أمل في الإشاعات المغرضة حول وجود الملك في زيارة خاصة التي تحولت عند العسكر الجزائري الى هروب ولا أمل في الاشاعة المتعلقة بتأجيل الاحتفالات الخاصة بعيد العرش على أنها مقدمة لكارثة يتعرض لها المغرب والمغاربة.

الذين يراهنون على تغيير الوضع بالمملكة جراء أزمات عابرة لا يعلمون شيئا عن المغرب والمغاربة وكمثال على ذلك أروي ما شاهدته ومعي ملايين الناس الذين تابعوا جنازة الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه فقد انتهت الجنازة على صوت الغيطة والطبل وأشاع الجاهل مبعوث صحيفة لوموند الفرنسية أن الملك الجديد تزوج؟!؟! هكذا بكل بلادة اطلق مراسل لوموند هذه الاشاعة البليدة وكأنها حقيقة؟! وواقع الأمر أن الملك محمد السادس الذي تلقى تربية حسنة لا يمكن أن يقوم بما توهم مراسل لوموند ولم يفهم أن بنية الدولة تقوم على فكرة مات الملك عاش الملك بما يفيد استمرارية السلطة وانتقال تداولها من ملك إلى آخر، هذه الفكرة البسيطة والعميقة الدلالة تكفي كإشارة للقول بأن الملكية لم تكن بالمغرب شيئا عابرا ولا يمكن بأي حال أن تتأثر بما يقع من أحداث، لذلك فإنها أي الملكية لا يمكن بتاتا أن تتأثر بما يشاع ضدها ولن يكون لها أي أثر على زعزعة استقرارها و أدائها لمهامها الدستورية.

تحضرني معلومة أشير إليها فقط من باب الإخبار لا غير، في ماي من عام 1999 وكان عبد العزيز بوتفليقة قد تولى السلطة بعد تنصيبه من قبل العسكر بانتخابات صورية بعث برسالة تهنئة إلى الراحل الحسن الثاني يهنئه فيها بعيد العرش بعد انصرام أجله بأكثر من شهرين وفيها من عبارات التودد والاشادة بحياة الراحل ما جعلها خارج التصنيف البروتوكولي المتعارف عليه بين الدول، بما يفيد أن الرجل كان على علم بمرض الراحل وأن ما جاء من ثناء في حقه لم يكن إلا نفاقا وخداعا يمكن أن يمر على ذوي العقول القصيرة الفهم والغبية؛ وقلت لمحاوري وأنا اقرأ عليه البرقية إن الرجل يتهكم وصدق حدسي وأنا أنظر اليه خلف نعش الراحل واضعا يديه طيلة مسافة الجنازة لأنتهي إلى القول أن نفاق هؤلاء معروف ومفهوم ولا يمكن للمغاربة أن تنطلي عليهم حيل الشحاذين والأفاقين من أمثال جوار السوء.

اطمئنوا أيها الاغبياء النظام الملكي الذي تتمنون ذهابه باق أبد الدهر، وأنه سيكون سبب نهايتكم يا بئس الجوار...