العلبة السوداء بتاونات: مشاريع المرآئب الجماعية ومجموعة التعاون الاقليمية.. أي مآرب خفية؟؟

العلبة السوداء بتاونات: مشاريع المرآئب الجماعية ومجموعة التعاون الاقليمية.. أي مآرب خفية؟؟
في سياق اقتصادي عالمي ووطني وإقليمي استثنائي، يستوجب ترشيد النفقات وعقلنة الاستثمارات وإعادة تحديد الأولويات التنموية بإقليم تاونات، وفق رؤية حكامية تترجم التوجيهات الملكية للنموذج التنموي الجديد.

تحركت بمنطق مخالف لما تستدعيه هذه الظرفية، جحافل من الآليات والمعدات في مناورات هي الأولى من نوعها تحت مسمى صولة الحمام التاوناتي هدفها الظاهر تسريع إنجاز الخصاص المهول من المسالك الطرقية المتراكم لعدة سنوات. عملية الكوماندو هذه تضمر في باطنها العديد من المآرب، أهمها تحريك كم هائل من السيولة والاعتدامات المالية في ظرف وجيز من الزمن، حتى يصعب ضبطها ومراقبتها ورقابتها من طرف ما يصطلح عليه بتنظيم مجموعة جماعات التعاون، وهي مؤسسة بيجماعية تطرح العديد من الأسئلة بخصوص وسائل وطرق تدبيرها وتسييرها وهندسة صفقاتها وبرمجة مشاريعها، وتغيب عنها الكثير من الشفافية والوضوح وضعف التواصل والحوار الاجتماعي. ودائما ما تخلق هذه المؤسسة جدالا إقليميا وجهويا وحتى وطنيا بين المؤسسات والسلطات والنخبة والعامة، حول ضعف رؤيتها التنموية وحيادها عن أسباب نشأتها واشتغالها خارج إطار أولويات انتظارات الساكنة.
 
وكلنا يعلم السياق التاريخي الذي شهد تأسيس مؤسسة مجموعة جماعات التعاون بتاونات وأسباب نشأتها وأهدافها التنسيقية والتشاورية في سبيل تحقيق مبدأ التكامل الترابي بين الجماعات المتقاربة جغرافيا وتدبير حكامي للمخططات التعميرية وتنزيل نماذج تنموية متكاملة، والذي يختلف تماما عن السياق الحالي بأبعاده الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وحتى المناخية منها، وباختلافها وجب إعادة النظر بشكل جدري في النموذج الحالي والهيكل التنظيمي لمؤسسة مجموعة جماعات التعاون التي أضحت كيانا فارغا ينحصر دوره في تدخلات جزئية بسيطة معزولة في الزمان والمكان. فأسباب النزول تغيرت وحتى الرهانات والتحديات تختلف بكثير عن سابقتها، والكل يُجْمِع اليوم من ساكنة وفعاليات مجتمع مدني ونخب فكرية وثقافية وبعض النخب السياسية الصادقة أن تنظيم مؤسسة مجموعة جماعات التعاون تجاوزه التاريخ، وأصبحت ضحية لحجمها الكبير المتهالك مقارنة مع مردوديتها وانتاجها التنموي الهزيل الضئيل، إلى جانب الاعتمادات المالية الهائلة المرصودة لها والتي تقدر بالمليارات وتغيب عنها شمس الشفافية والوضوح. ممارسات تُشَرْعِن لكل المهتمين والمتتبعين بالشأن الإقليمي بتاونات، انتقاد مؤسسة مجموعة جماعات التعاون الغامضة والمسؤولين على سياستها التدبيرية والإنتاجية والتواصلية، حتى أصبح هناك من يرى أن هذه المجموعة ذات الصبغة العملياتية الميدانية أضحت تخرج عن إطارها ووظيفتها بحجمها الكبير والمتشعب وتنافس المؤسسة السيادية علنا أحيانا وأحيانا ما خفي أعظم، مما يستوجب تفكيك هذه الخلية العجوز النائمة الناعمة لأربع مؤسسات بيجماعية عملياتية: مجموعة غفساي، مجموعة القرية، مجموعة حوض ورغة العليا وأخيرا مجموعة تيسة.
 
وكما هو معلوم من لدن العامة قبل الخاصة، فقد أصدرت مؤخرا المؤسسة العمومية ووزارة الداخلية والقطاعات الحكومية عدة مذكرات بشأن ترشيد نفقات الاستثمار التنموي على المستوى الوطني. والجماعات المحلية بإقليم تاونات مُلْزمة بتعليمات هذه المذكرات، وخلافا للسياسة العامة والتوجهات الملكية، نجد بعض الجماعات الترابية بإقليم تاونات وبمرنيسة وحوض ورغة العليا، ترسم لنفسها برامج مشاريع غير مشروعة وتحيد في مجملها عن كل هذه التوابث، في غياب تام للحوار الاجتماعي والتشاور مع فعاليات المجتمع المدني الذي يستمد شرعيته في تدبير الشأن المحلي من مضامين دستور المملكة المغربية 2011. إذ نجد على سبيل المثال لا الحصر، أن العديد من الجماعات برمجت أو تبرمج إنجاز مشاريع مرآئب للآليات والمعدات والسيارات وخصصت ميزانية تفوق في بعض الأحيان 100 مليون سنتيم. وقد يتم تعميم هذا البرنامج على مستوى الجماعات 42 بإقليم بتاونات، وذلك في شهر واحد وظرفية إستثنائية قاسية، وكأن حماية الآليات والمعدات تعتبر من توابث الوطن إلى جانب قضية الصحراء المغربية، أو من الحيويات الاجتماعية أو تدخل في إطار أساسيات أمن الدولة.

تعبئة كهذه تجعلك تطرح ذاك السؤال الوجودي من جدوى هذه الصفقات المشبوهة، ومن هي الشبكة المستفيدة من هذه الصفقات التي يتم تمريرها في الدورات الاستثنائية الصامتة. فالجماعات المعنية مطالبة بقوة الدستور، بالتواصل والتفاعل مع المواطنين وفعاليات المجتمع المدني لتوضيح كنه هذه الصفقات المشبوهة وبرامجها التنموية.

المهندس خالد المهداوي البقالي/الدارالبيضاء