الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

محمد بوبكري: جنرالات الجزائر هم "عصابة الهزيمة"

محمد بوبكري: جنرالات الجزائر هم "عصابة الهزيمة" محمد بوبكري
 تكاد تجمع مختلف وسائل الإعلام على أن جنرالات الجزائر قد فشلوا في تحقيق مبتغاهم من دعوة الرئيس الفلسطيني إلى القيام بزيارة للجزائر، حيث أبانوا عن جهلهم بشخصية هذا القائد الفلسطيني، وعدم إلمامهم بطريقة تفكيره، ولا بتجربته، ولا بمبادئه، ولا بقيمه…كما أنهم لا يعرفون طبيعة الشعب الفلسطيني، ولا تاريخه. لقد راهن حكام الجزائر على إقحام الرئيس "أبو مازن" في الصراع الذي افتعلوه مع المغرب، لكن الرئيس الفلسطيني خيب ظنهم، لأنه لم ينتقد استئناف المغرب لعلاقاته مع إسرائيل، ولم يقم بإدانة الدول التي أقامت علاقاتها، كما لم يساند "البوليساريو" صنيعة حكام الجزائر. ولما فشلت توقعات هؤلاء، حمل "تبون" "أبا مازن" رسالة موقعة إلى مسؤولي إسرائيل، مفادها أن حكام الجزائر يريدون تطبيع العلاقات معها بشكل تدريجي، كما أنهم طلبوا منه أن يكون وسيطا بينهم وبين المسؤولين الإسرائيليين. وبعد عودة الرئيس الفلسطيني إلى بلاده، نشرت "وكالة الأنباء الفلسطينية" تغطية مفصله حول هذه الزيارة، أكدت فيها المعطيات المذكورة أعلاه، فانكشفت ازدواجية حكام الجزائر، وتعرى نفاقهم أمام العالم، فتأكد الجميع بأنهم لا يمتلكون أي حد أدنى من الأخلاق، ما أفقدهم أية مصداقية، فتعمقت عزلتهم إقليميًا ودوليا، حيث صاروا أضحوكة عالمية..
 وتجدر الإشارة إلى أن حكام الجزار قد منحوا "أبا مازن" شيكا بقيمة مائة مليون دولار، ما جعل بعض الفلسطينيين يرون أن هذا المبلغ لم يكن يدخل في إطار المساعدات إلى السلطة الفلسطينية التي توقفوا عن الالتزام بها منذ 2014، لكنه كان مقابلا للخدمة التي طلبوا من الرئيس الفلسطيني أن يقدمها لهم، وهي حمل الرسالة المذكورة. ويفيد ما نشرته "وكالة الأنباء الفلسطينية" حول هذه الزيارة أن السلطة الفلسطينية اتخذت موقفا سلبيا من الانقلاب القيمي لحكام الجزائر. وهذا ما يؤكد أن للسلطة الفلسطينية قيما نبيلة ترفض الارتشاء، الأمر الذي يؤكد أن حكام الجزائر يعتقدون أن في إمكانهم شراء ذمم البشر، كما يفعل "رمطان العمامرة" في مختلف المحافل الدولية، حيث اعتاد الجنرالات على تكليفه بشراء ذمم أصحاب النفوس الضعيفة ليصطفوا وراء أطروحاتهم المعادية للوحدة الترابية المغربية. وبذلك، يكون حكام الجزائر قد أخطأوا العنوان، لأنهم اعتبروا "أبا مازن" قابلا للارتشاء، الأمر الذي رفضه هذا الأخير، لأنه رأى في ذلك إهانة له وتطاولا على الكرامة والقيم الفلسطينية… هكذا، فقد خسر حكام الجزائر الرهان، فتبخرت أوهامهم، وانكشفت دسائسهم، وفاحت رائحة أوساخهم الكريهة...
 وللتدليل على صحة ما أقول، فإن البيان الختامي المشترك لهذه الزيارة لم يتضمن أي إشارة لـ "البوليساريو"، ولا لاستئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل التي لا يكف كل من "شنقريحة" و" تبون" عن التنديد بها، كما لم يؤكد على أي تعاون أمني بين جنرالات الجزائر والدولة الفلسطينية، ولم يندد بإقامة القاعدة العسكرية الإسرائيلية التي يزعم حكام الجزائر أنها ستقام في الشمال الشرقي للمغرب.
  فضلا عن ذلك، فإن "قصر المرادية" لم يصدر أي رد فعل عن تبون يكذب فيه ما أوردته "وكالة الأدباء الفلسطينية" حول هذه الزيارة...
  علاوة على ذلك، فقد رفض "أبو مازن" بلباقته المعهودة زيارة وزارة دفاع الجزائر وقيادة الأركان الجزائرية، وكان على صواب، لأنه لم يزر الجزائر لتوقيع أي اتفاقية عسكرية مع حكام الجزائر. وهذا ما يؤكد غباء حكام الجزائر، الذي يريدون ممارسة العلاقات الخارجية بدون فهم طبيعة "أبي مازن" وظروفه، لأنه من المستحيل عليه أن يزور قيادة الأركان، لأن ذلك سيخلف شكوكا حول وجود معاهدات عسكرية وأمنية سرية بين السلطة الفلسطينية وجنرالات الجزائر، ما يعني أن هذه السلطة التي تريد السلام مع إسرائيل قد تحولت إلى كيان يقدم المشورة للجماعات الإرهابية التي يوظفها حكام الجزائر لزعزعة استقرار جيرانهم، بهدف إضعافهم، ومن ثمة الهيمنة عليهم.
  وللتدليل على ذلك، فإن جنرالات الجزائر هم تابعون لإيران التي لا تتوقف عن العمل من أجل الإطاحة بالسلطة الفلسطينية، كما أن هذه السلطة أكدت مرارا على لسان رئيسها: "إننا نريد السلام مع إسرائيل"، و"أريد التحاور مع الإسرائيليين، ولا أخجل من هذا". 
  وبعد مراكمة جنرالات الجزائر للفشل، سافر مؤخرا "الجنرال السعيد شنقريحة" إلى مصر بهدف جلب الدعم إلى موقفهم المعادي للوحدة الترابية المغربية، حيث لما اجتمع مع نائب قائد الأركان المصري، بدأ يتحدث له عن إدانة استئناف المغرب لعلاقاته مع إسرائيل، لكن سرعان ما نبهه نائب قائد الأركان المصري إلى أن مصر تجمعها علاقات واتفاقات ومعاهدات مع إسرائيل، وأن مصر لن تنخرط في أي عداء للمغرب، وكل ما يمكن أن تقوم به هو لعب دور الوساطة بين جنرالات الجزائر والمغرب. لكن المغرب ظل يعتذر بلباقة على عدم قبوله أية وساطة بينه وبين جنرالات الجزائر الذين صار مؤكدا لدى الجميع انهم بالغوا الإساءة إليه، والتحرش به، والاعتداء عليه.. هكذا، فإن المغرب لن يغير قيمه، وسيمضي في السير من أجل تحقيق إستراتيجياته، ما يعني أنه لن يتخلى عن التزاماته تجاه حلفائه، الذي قام بتوقيع اتفاقيات ومعدات معهم…
 وجدير بالذكر أن السلطة المصرية خصصت استقبالا بسيطا لـ "شنقريحة"، حيث لم يستقبله رسميا الرئيس "عبد الفتاح السيسي". وكرد فعل على الزيارة الاستفزازية لـ"شنقريحة" لمصر، وبعد مغادرته لها، تم استقبال وزير الخارجية الإسرائيلي استقبالا رسميا في مصر، حيث قام باستقباله الرئيس "عبد الفتاح السيسي" مرفقا بكل من وزير خارجيته "سامح شكري" ومدير المخابرات المصرية "عباس كامل". والمثير للغرابة هو أن جنرالات الجزائر لم ينددوا بالاستقبال المصري لهذا الوزير، والذي يحمل معاني كثيرة، لم يفهمها حكام الجزائر. وقد لوحظ أنه عندما. قام " شنقريحة" بزيارة مصر تم استقباله من قبل نائب الأركان المصري، الذي قاطع "شنقريحة" عندما بدأ يندد باستئناف علاقات المغرب مع إسرائيل، قائلا: "إن لنا علاقات مع إسرائيل.. وكل ما يمكن أن نفعله من أجلكم هو أننا سنحاول التوسط لكم لدى المغرب من أجل الصلح بينكما"، كما لم يقل لـ "شنقريحة" أي شيء عن زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي لمصر. وقد كان على حق، لأن ذلك شأن خاص بمصر، ولا دخل لأحد فيه.
 واستمرارا في حصد جنرالات الجزائر للمزيد من الهزائم، فقد قرروا مقاطعة بطولة كرة اليد الإفريقية التي ستقام في مدينتي "العيون" و " كلميم" بالصحراء المغربية، الأمر الذي يؤكد عزلتهم إفريقيا. ولما وجدوا أنفسهم في هذه العزلة، مارسوا ضغوطا على كل من تونس و"كينيا" لجعلهما تقاطعان هذه التظاهرة الرياضية الأخوية الأفريقية، فرفضتا السير على نهج جنرالات الجزائر، لأنهما ترفضان تسييس الرياضة، لأنه يجب التمييز بينهما، لأن هذه السياسة قد تفرق، لكن الرياضة توحد الأرواح والوجدان: فهي تقوم على المنافسة الشريفة، لا على رفض الآخر، الأمر الذي لا يفهمه جنرالات الجزائر، ما يدل على أن كل المفاهيم مقلوبة لديهم… هكذا، فقد علق أحد الظرفاء على سلوك وفكر جنرالات الجزائر قائلا: "إنها مجرد عصابة الهزيمة"…