الأربعاء 24 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد الشمسي : "الأمجاد الصغيرة" لرئيس حكومة يعيش حالة توهان

محمد الشمسي : "الأمجاد الصغيرة" لرئيس حكومة يعيش حالة توهان محمد الشمسي
ليت سعد الدين العثماني يجد من ينصحه بأن يلزم بيته، ويمسك عنه لسانه، ويأخذ بما يعرف، و يهتم بأمر خاصة نفسه، ويترك عنه أمر العامة، وهو الفقيه يدرك مغزى هذا الحديث، فالعثماني يعيش حالة توهان والتوهان مرض يجعل الانسان يحل بمكان ولا يدري لماذا وكيف جاء لذلك المكان، وسبب النزول هنا ان  "الناس في الناس والقرعة في مشيط الراس"، الناس ضاقت بهم بيوتهم وباتت أقفاصا وقبورا، بلا مدخول ولا مصروف ولا معيل ولا مورد رزق، الناس سئموا من هذا الحجر الذي يتحول تدريجيا  إلى "تحجير"، والرجل استهواه الكلام عديم الجدوى،  والناس تعلم أن "الشفاوي" لا يشتري قالب سكر ولا علبة شاي ولا قارورة زيت ولا كيس طحين، ورئيس الحكومة مزهو بمجد لم يسبقه له أحد ولم يسأله عنه أحد وهو لا دخل له فيه أصلا ، فالمغرب في عهد العثماني بات يصدر الكمامة للعالم ، يا له من سمو وحظوة وعلو، تلك الكمامة التي لم يعترف العثماني يوما بقيمتها ولا بدورها، ليس فقط بتصريحاته ضدها ، بل بامتناعه عن سبق  إصرار  عن وضعها  امتثالا لقانون هو من سنه وشرعه، وتحت  هذا "النبأ العثماني العظيم"، هناك خبر آخر تؤكد فيه شركة لصناعة الأدوية قدرتها على تصنيع مليار جرعة من اللقاح المضاد لكورونا، وهو اللقاح الذي طورته جامعة بريطانية، وتضيف الشركة أنها ستبدأ في تصدير اللقاح مطلع الخريف المقبل، وشتان بين الإنجازين والبطولتين، مجد صغير يتباهى به رئيس حكومة دولة ويجتره اجترارا كلما برز للناس ليجيب عن انتظارانهم، وفتح علمي جبار يصرح به مدير شركة وينصرف لعمله.
مسكين العثماني هو صغير في كل شيء، في أحلامه، وفي أمجاده، وحتى في كلامه، الأزمة تكوي الناس بلهيبها، وهذا صراخهم حد العويل يكاد يخرج من الحواسيب والهواتف، ورئيس الحكومة"كاعما هنا"، يهلل  لأنه "خيط" كمامة لا يتطلب صنعها مواد كيماوية ولا علوم دقيقة ، سوى "مكينة وإبرة وخيط وثوب ولاستيك" وحتى هذه المقادير مستوردة من الخارج ، و تقتصر مهمة العثماني  "على خدمة ليد "، ليخرج منتشيا ملوحا  أنه منقذ العالم مخلصه، وكأنه اخترع لقاحا أو دواء للوباء، وهو الذي عجز حتى في توزيع عائدات صندوق التخفيف من كورونا على كل من يستحقه من الشعب الذي تكالبت عليه الحكومات الفاشلة فأردته ملوما محسورا، ولو كان له ولمن معه في الحكومة ذرة من الإنسانية والوطنية لقدموا استقالات جماعية أمام صورة مواطن "طلع للجبل" بحثا عن "الكونيكسيون"، وأخذ معه كل هواتف الدوار لعل رسالة صندوق الجائحة تهتدي لتلك الهواتف وتزف لأهلها تباشير حقهم في دراهم معدودة، لكن "على من تقرا زابورك آداود"، العثماني في عالمه الفريد الذي رسمه لنفسه، إنه  الدونكيشوت ديلامانشا الذي قهر طواحين الريح، وهزم كوفيد 19، ومستعد لهزم كل سلالته وشجرة نسبه، لكن بماذا؟ وكيف؟ العثماني وحده من يعلم.
عندما يكون على رأس الحكومة سياسيون من هذه الطينة، يفتقرون للإبداع والابتكار في تدبير الكوارث، لا يقوون حتى على تركيب جملة مفيدة يخمدون بها هلع الناس، آلام  وآهات الشعب في واد وهو يهيم في واده ، الناس تريد الخبز وهو يحدثهم عن الكمامة، والناس تريد الدعم وهو يروي لهم حديث ضعيفا كيف نجاهم فيه من  6000 حالة وفاة بكورونا، وكأنه يمسك سجل الأرواح، عندما لا يكون هؤلاء السياسيون مثل ضباط الحروب في مقدمة الجيوش، ويشمون رائحة دخانها إن فلتوا من رصاصها، لذلك نصح ضابط زميله يوما وقال له" الحرب التي هربت منها لا تحدث بها غيرك"، فسؤال الشعب للعثماني هو ماهي استراتيجية الحكومة للتعامل مع الجائحة بعد رفع الحجر الصحي؟، وجواب العثماني مبتسما:" المغرب استطاع تصدير لكمامة".
في المحصلة إن وزنك وقيمتك من حجم حلمك، ويكبر شأنك إذا أنت كنت "قد لسانك قد دراعك"، فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض، قُضي الأمر.