الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

سعيد بعزيز: نصف خطوة نحو رفع الحجر الصحي

سعيد بعزيز: نصف خطوة نحو رفع الحجر الصحي سعيد بعزيز
تحركت المصالح الأمنية خلال اليومين الأخيرين، نحو الرفع من عدد السدود الأمنية، وتشديد إجراءات ضبط المخالفات المتعلقة بعدم التقيد بالأوامر والقرارات الصادرة عن السلطات العمومية خلال فترة حالة الطوارئ الصحية، خاصة منها مغادرة المنزل دون التوفر على شهادة التنقل الاستثنائية، وعدم ارتداء الكمامة، وساهمت تعليمات النيابة العامة في إضفاء طابع الصرامة على طريقة التعاطي مع هذه السلوكات، عبر الاحتفاظ بالأشخاص الموقوفين رهن إجراءات الحراسة النظرية في مخافر الشرطة والدرك الملكي، قبل تقديمهم.
ومن جهتها تقوم السلطات العمومية بمعظم عمالات وأقاليم المملكة، بشن حملات واسعة ضد المحلات التجارية التي حاولت افتتاح أبوابها بمناسبة اقتراب عيد الفطر، ومحاربة التجمعات في الأسواق والأحياء الشعبية، والتجمعات الشبابية التي اعتادت على ممارسة رياضة الأحياء، بهدف الحفاظ على فعالية الإجراءات والتدابير المتخذة لمواجهة تفشي فيروس كورونا ـ كوفيد 19.
يأتي هذا التشديد، في إطار تعليمات حديثة، بعدما سجل تراخي بعض المسؤولين المكلفين بتنزيلها ترابيا من جهة، وفئة من المواطنات والمواطنين من جهة ثانية، في استهتار تام بالأوامر الصادرة في هذا المجال، واستنادا لما أعلنته وزارة الصحة قبل أيام، أن الفيروس ينتشر في صفوف الشباب، لكونهم الأقل التزاما بإجراءات الحجر الصحي، وساهموا بتصرفاتهم هذه، في ظهور عدة بؤر عائلية.
الحكومة بدورها أعلنت في ختام البلاغ الصادر يوم 12 ماي 2020 بشأن المرحلة الثانية لدعم الأسر العاملة بالقطاع غير المهيكل، أنه حتى يتم تجنب الاكتظاظ أمام نقط سحب المساعدات في هذه الفترة التي يطبق فيها الحجر الصحي، سيتم تمديد عملية بعث الرسائل النصية على عدة أيام، وهذا سيؤدي حتما إلى تفادي الازدحام الذي تم انتقاده في المرحلة الأولى.
التوجيهات الجديدة، لمواجهة التراخي المزدوج في مواصلة المعركة ضد تفشي جائحة فيروس كورونا ـ كوفيد 19، ترمي أساسا إلى فرض الحجر الصحي بصيغة أكثر صرامة، لكونها الطريقة الأمثل للإفلات منها.
طبعا، هذه الاجراءات لا تتنافى مع مفهوم دولة الحق والقانون، لذلك يطالب المواطنات والمواطنون من السلطات العمومية، العمل على أجرأتها، من أجل الخروج من هذه الأزمة في أقرب وقت ممكن وبأقل الخسائر، لكون الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد لا تسمح لها بإعلان حالة الطوارئ الصحية وفرض الحجر الصحي لمدة أطول.
إنها نصف خطوة إيجابية، للحد من التهاون والاستهتار بالعملية، ووضع حد للتصرفات المنافية لضوابط الحجر الصحي، والتي أثرت سلبا على أمن وسلامة العديد من أفراد الأسر والأجراء الأبرياء المسجلين حاليا في عداد المصابين بالفيروس.
لكن الحفاظ التام على فعالية هذه الإجراءات والتدابير المذكورة، من أجل المرور إلى السرعة النهائية، قصد البدء في الرفع التدريجي للحجر الصحي، يحتاج إلى نصف الخطوة الأخر، الملقى على عاتق الحكومة.
إنها مطالبة أكثر من أي وقت مضى، بإيصال الدعم الذي يخصصه الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا "كوفيد ـ19"، إلى جميع الأسر الهشة والفقيرة، وكل العاملين في القطاع غير المهيكل، لكونها النقطة التي أفاضت الكأس، وأدت إلى الاستياء من البقاء في المنازل، ومغادرتها بحثا عن لقمة العيش، إضافة إلى ضرورة الحسم مع ظاهرة الاكتظاظ في الوحدات المهنية، وتوفير شروط الصحة والسلامة في كل أماكن العمل.
 إنها أبرز الاختلالات التي رافقت هذه العملية، منذ بداية تطبيق الحجر الصحي، وساهمت بشكل كبير في خرق الأوامر والقرارات الصادرة عن السلطات العمومية خلال حالة الطوارئ الصحية، وبالتالي عدم استقرار الحالة الوبائية ببلادنا.
نعم للبقاء في المنازل، لكن على الحكومة أن توصل الدعم بشكل عادل ومنصف، إلى من يستحقه فعلا، حتى لا يعصف تهاونها في المراحل الأخيرة بالأمن المجتمعي، ضمانا لاستقرار المجتمع وسلامة وأمن أفراده.
إن التهاون مهما كانت أشكاله، يعتبر تهديدا حقيقيا ومباشرا للأمن الصحي للمحيط وللأسرة، وللبلاد برمتها.
فلنتجنب التجمعات البشرية مهما كانت الظروف، ولنساهم في التعجيل برفع الحجر الصحي.