الثلاثاء 23 إبريل 2024
كتاب الرأي

مصطفى المنوزي: لفهم ما يجري انتخابيا وضرورة الوعي به سياسيا    

مصطفى المنوزي: لفهم ما يجري انتخابيا وضرورة الوعي به سياسيا     مصطفى المنوزي

أن يحصل الاتحاد الاشتراكي على مقعدين قد يحقق مطلب "المقاعد تهمنا"، وهذا من زاوية أن دون ذلك سيفقد الحزب فريقه في مجلس النواب، وهو وضع كمي سيؤثر على مراكزه الدستورية، سواء داخل مجلس النواب نفسه أو داخل الحكومة أو داخل مؤسسات أو مجتمعيا.

فإذا كان من يعتبر نفسه يسارا غير حكومي أو من يرى نفسه عذراء اليسار الراديكالي، قد توافقا على إصدار الحكم بإعدام الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، منذ واقعة إحلال  جطو، وزير الداخلية في حكومة التناوب التوافقي، محل اليوسفي الوزير الأول آنذاك، واعتباره خارجا عن الصف التقدمي، فإن المنطق يقتضي، والحالة هاته، الكف عن الاحتجاج على أي تحالف مع ما كان يطلق عليه الأحزاب الإدارية، مادام أن وصم "التمخزين" قد حصل واقعيا، حسب تحليل هؤلاء، منذ التصويت السياسي بنعم على دستور 1996 والقبول بالمشاركة في حكومة التناوب التوافقي بضمانات القصر، وعلى عهد الراحل الحسن الثاني، وبالتالي لم يعد مجديا توجيه النقد إلى "التواطئ" الحاصل انتخابيا، ما عدا إذا كانت هناك إرادة حقيقية لدى هذا اليسار المختلف تهدف دعم هذا الحزب الوطني التاريخي الذي خرج أغلب مكوناته وتياراته من صلبه، وترعرعوا في خضم حروبه الأهلية الصغيرة، من التنظيمية والسياسية إلى المذهبية، مع التذكير أن جميع، وتحت يافطة الملكية البرلمانية، لم يعد الصراع ضد القصر، حيث تحول إلى معارضته مؤسساتيا، ثم إلى معارضة حكوماته، بما فيها الحكومات التي ضمنها الاشتراكيون أو التقدميون.

أما القول إن قيادة الاتحاد الاشتراكي الحالية قد ضعف "تنظيمها الحزبي" انتخابيا، ومهدد في وجوده المؤسساتي، قول يصادر الحقيقة، لأن الجناح المهيمن قياديا داخل الحزب قد اختار تمثل الخط الانتخابي بدل إدماجه كخيار تكتيكي، وتأطيره ضمن استراتيجيا النضال الديمقراطي، والتي يعتبر الفكر التحرر والنظرية الاشتراكية العلمية والبعد الاجتماعي في الهوية الحزبية أهم دعائمه الأساسية. وبالتالي لم يكن مفاجئا ولا صادما ما وصل إليه الوضع التنظيمي والسياسي للأحزاب التقدمية، ووقع ذلك على النضال الجماهيري والنقابي والاجتماعي، مما يتطلب البحث عن موجبات تمسك حزب الوردة بالمقاعد، التي لم تكن تهمه يوم كان موحدا وقويا.

فليس فقط الأغلبية من يحتاج إلى الاتحاد الاشتراكي، على علته وحاله، ولكن يبدو أن الدولة، في انتظار إعادة الأمور إلى نصابها داخل حزب الاستقلال، كحزب تاريخي وكصمام أمان لدى القصر والعقل الأمني وضابط إيقاع الخريطة السياسية، لابد  لها أن تحفظ لحزب الوردة وضعه الاعتباري، من خلال تحصين موقعه على رأس المؤسسة التشريعية، كي يتسنى له ضمان التمثيلية داخل أعظم المجالس العليا والحساسة، من بينها مجلس الوصاية والمحلس الأعلى للأمن، بغض النظر عن  الدور الاستشاري والسياسي لرئيس مجلس النواب لدى المؤسسة الملكية، كثالث شخصية دستورية في البلاد، سواء في الحالة العادية أو الاستثنائية، وتحسبا لأي انتقال  أو طوارئ، وهي الأدوار التي لم يتأهل غيره ليلعبها داخليا أو خارجيا، من توازن ووساطة وتمثيلية لدى الخارج، بحكم الخبرة والثقة التعاقدية المفترضة في حزب وطني شارك في جميع التسويات والوقائع الوطنية.

لتكون الخلاصة أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية صار جزءا من الدولة، إن لم نقل، وبنسبية عالية جدا، جزءا من النظام السياسي، مع ضرورة الاعتراف بوجود الاختلاف والتناقض الذي لا يسمح بحصول التماهي المطلق أو الحلول. من هنا سيظل حزب الوردة حزبا إصلاحيا، والرهان عليه في التغيير قائم في حدود ضيقة، وكل مزايدة أو مناقصة في هذا الصدد لن تكون إلا حقا يراد به باطل.