شيماء المناعي: تبون يضغط على تونس لتحقيق انتصارات وهمية

شيماء المناعي: تبون يضغط على تونس لتحقيق انتصارات وهمية شيماء المناعي
إلى وقت قريب، كان النظام الجزائري الأقرب إلى نظام قيس سعيد، حتى إن سعيد ناصر الجزائر في قضية الصحراء التي إلتزمت فيها تونس دائما الحياد السلبي ،وسلمها لاجئا سياسيا يمنع تسليمه بالقانون الدولي، كل ذلك بهدف كسب تأييد نظام تبون لإجراءاته التي يصفها أغلبية التونسيين بالإنقلاب على الدستور ومؤسسات الدولة الشرعية، وضمان بعض المساعدات المالية في ظل الأزمة الإقتصادية التي تعيشها تونس.
هذا التقارب الكبير بين النظامين، يبدوأنه في طريقه للزوال، إذ تنكر تبون وجماعته لمحاولات سعيد التقرب منه، وقد ظهر هذا الأمر جليا في الفترةالأخيرة وتجسد في العديد من  المؤشرات.
في أحدث تصريح له بخصوص ما يحصل في تونس، قال تبون" إستعداد بلاده وإيطاليا لمساعدة تونس على الخروج ممّا وصفه بـ"المأزق"، ولأجل ما اعتبره "العودة إلى الطريق الديمقراطي".
يمثل هذا التصريح تحولا كبيرا في موقف تبون مما يحصل في تونس، خاصة وأنه عُرف عنه دعمه الكبير لإجراءات سعيد التي تضمنت حل البرلمان ووقف العمل بالدستور وإقالة الحكومة وحل المؤسسات الدستورية في بلاده.
لفهم هذا التصريح أكثر لا بد من العودة إلى بعض المعطيات التي عرفتها العلاقة بين تونس والجزائر في الفترة الأخيرة، حيث رفضت الجزائر طلبا تونسيا بزيادة إمدادات الغاز لها بحجة عدم قدرتها على ذلك تقنيا وهي التي عرضت على الأوروبيين في الوقت ذاته زيادة إمدادات الغاز لها وإتفقت مع إيطاليا على زيادة ب40%.
أيضا تواصل الجزائر غلق حدودها البرية مع تونس بحجة الوضع الصحي وانتشار فيروس كورونا، لكن جميعنا يعلم أن كورونا تم السيطرة عليها أي أن سبب الغلق انتفى. فضلا عن ذلك قللت الجزائر زيارات مسؤوليها لتونس، بعد أن كانت الجارةالشرقية أبرز المحطات لوزير خارجية الجزائر رمطان لعمامرة الصيف الماضي.
نفهم من هنا أن الجزائر تحاول الضغط على جارتها الغربية وهي التي أكدت في مرات سابقة رفضها التدخل في الشؤون الداخلية لتونس، ودفاعها عن إجراءات أكدت أغلب الأحزاب السياسية والمنظمات التونسية والدولية أنها غير قانونية.
وقبل أيام رفض إتحاد الشغل (اكبر نقابة في تونس) وإتحاد الفلاحين فضلا عن عمداء كليات الحقوق العمل صلب اللجان التي أقرّها قيس سعيد للتشاور حول كتابةالدستور، وهو ما يمثل ضربة موجعة لبرنامج قيس سعيد الشبيه ببرنامج العقيد الليبي الراحل معمرالقذافي.
ويحاول سعيد فرض نظام  إستبدادي دكتاتوري على التونسيين مستغلا رغبة الشعب التونسي في محاربة الفساد والتخلص من طبقة سياسية أثبتت فشلها في صياغة منوال تنموي ينهض بالبلاد.
بالعودة إلى التغيير الحاصل في موقف نظام تبون مما يحصل في تونس، نرى أن النظام الجزائري يحاول الضغط على نظام سعيد دبلوماسيا في وقت يعيش فيه النظام التونسي عزلة كبيرة بسبب إصراره على مواصلة فرض برنامجه رغم الرفض الكبير والتنديد الدولي، كما يضغط نظام الجزائر على تونس إقتصاديا مستغلا الوضع الإقتصادي الصعب الذي تمر به جارته الشرقية.
يعني هذا الأمر أن الجزائر تستغل حاجة دولة شقيقة للضغط عليها حتى تنفذ مطالبها، فلا يهم الجزائر الديمقراطية في تونس بقدر ما يهمها إثبات "قوتها" و الترويج بأن لها كلمة تسمع في المنطقة.
إن كان تبون يهمه الديمقراطية في تونس، لكان التفت إلى بلاده التي تشهد احتجاجات متواترة للمطالبة بالحرية والكرامة ولكان أفرج عن معتقلي الرأي الموجودين بالمئات في سجون بلاده.
تؤكد هذه التطورات في الموقف الجزائري مما يحصل في تونس، تواصل إتباع نظام تبون نفس النهج في الدبلوماسية الخارجية لبلاده، وهو محاولة الترويج لإنتصارات خارجية في وقت يعجز فيه عن تحقيق أبسط مطالب شعبه رغم الثروات التي تتمتع بها البلاد..
شيماء المناعي كاتبة تونسية