حينما نتكلم عن التعليم الإلكتروني أو استخدام التكنولوجيا في التعليم يخطر ببالنا مباشرتاً صورة مُتعلم أمام شاشة حاسوب يطالع مادة تعليمية معينة، سواء داخل فضاء المنزل، أو داخل فضاء المؤسسة التعليمية.
نعيش اليوم عصرا يتجدد ويتغير على مدار الساعة وحيثما نظرنا في ميادين العلم والمعرفة تطالعنا أسماء جديدة ومخترعات حديثة لا عهد لنا بها وحتى في ميدان التربية والتعليم يفرض هذا الواقع وجوده في جميع المجالات ولعل في مقدمة ما ورد إلينا اصطلاح ”تقنيات التعليم” ومع تكدس المدارس بالعديد من هذه الوسائل والاجهزة بما تمثله من جزء بسيط تحت مظلة ”تقنيات التعليم”، إلا أن استيعاب رجل الشارع والطالب وحتى المدرس أو المسؤول عن العملية التعليمية في المدرسة لهذا المفهوم مازال دون المستوى المطلوب، بل وفي العديد من المجتمعات والدول أثيرت أسئلة تدور في معظمها حول ما إذا كانت ” تقنيات التعليم ” هي نزعة واتجاه نحو الرفاهية التعليمية أم أنها ضرورة حتمتها الظروف المحيطة بالعملية التعليمية لضمان تعليم أفضل وتعلم أفضل.
قد ثبت من دراسة للمؤلف "Fullata 1982" أن الاستخدام الأمثل لأحدث وأنجع تقنيات التعليم من طرف المدرس الكفء سوف يساعده على أداء مهمته بكفاءة جد عالية وجودة فائقة، وأن بوسع هذا المدرس الذي يستخدم وسيلة تعليمية سمعية أو بصرية أن يوفر نصف الوقت من الحصة مع ضمان مستوى تعليمي أفضل.
كما أن استخدام هذا المدرس لتقنيات التعليم الحديثة سوف يساعده على تنمية وتطوير مستواه العلمي والتقني من خلال استخدامه للبرامج المتاحة والتي يستفيد منها من جانبين..
الجانب الأول وهو تنمية رصيده المعرفي والتقني، ثم الجانب الثاني وهو تسهيل وتيسير العملية التعليمية.
لكننا اليوم في مواجهة شرسة مع افتقار التعليم العمومي لهذه الأساليب، أوشكت أن تُلقي بنا -أو بالأحرى ألقت بنا- في وضعية تعليمية هشّة نعاني منها كتلاميذ اليوم. النظام التعليمي اليوم يحتضر، ولن نبقى كالجيف ننتظر، بينما البعض الآخر ينتصر.
السبب الرئيسي والجوهري وراء هذا "الشلل المؤقت" الذي أصاب التعليم المغربي والذي سأرجع له دائما وهو " انعدام الثقافة المعلوماتية". تمركز المدرسين داخل دائرة الأساليب التعليمية التقليدية البالية، إضافة للتطور التكنولوجي المهم الذي اكتسح وبقوة مكانة مهمة، وهذا ما استوعبه الكل إلاّ التعليم العمومي، التطور التكنولوجي يفرض مكانته بقوة لاكن التعليم العمومي يقاوم اللكمات بالكتب ويضرب بالقلم، وليومنا هذا لم يستسلم ولم ينقطع حبله الشانق لمتعلم اليوم.
مثل مغربي يقول "لا تتعلق حيت تتفلق"، فنحن لا نطالب بما هو مستحيل، أي تجهيز التعليم العمومي بكافة الوسائل والتقنيات الحديثة... لكني أشعر بالأسى حينما أجد مادة علمية دقيقة كمادة علوم الحياة والأرض تدرّس بوثائق مكتظّة بالأخطاء الفادحة والداهية، ولا يكاد المدرس ولا التلميذ ملاحظة هذه الأخطاء، وهذا يرجع لسبب رئيسي وهو "غياب الاهتمام البصري". لكن أساليب التعليم التكنولوجية عالجت لنا العيوب اللفظية والبصرية في التدريس، ضعف القدرات البصرية والسمعية عند بعض الطلاب (الفروق الفردية) باعتماد المدرسة الإلكترونية سنتخلص من كل ذلك من خلال اعتمادها على برامج محفزة وجاذبة للانتباه وعملية وسريعة. مشكلة السرحان عند الطلاب، فلا شك أن اعتماد التكنولوجيا في التعليم سيكون حلاً ناجعا نظرا لحب الطلاب للتكنولوجيا وقربهم منها واستعمالهم لها بشكل يومي. وقت الحصة ضئيل جدا بالنسبة للمنهاج الدراسي نستطيع التغلب عليه من خلال استخدامنا لجديد تكنولوجيا التعليم التي توفر كثيرا من الوقت كونها تجمع الكم المطلوب تدريسه في زمن معين. فالمعلومات التي يحتاج المدرس لوقت طويل لإيصالها للمتعلم، تستطيع التكنولوجيا إيصالها من خلال عرض فيديو تعليمي أو صور أو خطاطات...
إضافة إلى هذا، التعليم العمومي بحاجة ماسة اليوم إلى "السبورة التفاعلية" فهي تساعد على تسهيل العملية التربوية في المدارس من خلال اثارة الحوار والنقاش اثناء العرض للدرس لأنها تستطيع ان تجذب الانتباه وتجعل تركيز الطلاب قائم طوال المدة الزمنية للحصة الدراسية، فهذا يسمح للطلاب في زيادة النشاط والتعامل. كما انها تساعد المعلمين على وضع خطة قبل البدء بالحصة من خلال الترتيب والتنظيم واضافة بعض الجماليات من صوت وصورة، فهي تخدم جميع محتويات الدروس والمقررات الدراسية.
أدعو السيد وزير التعليم ليعقد مجلس للإنصات لنا كتلاميذ وأبناء المدرسة العمومية بدلا من الإنصات للمؤثرين وبائعي الوهم وكلاب المشاهدات الذين يعيشون حياتهم في الوهم و"الصطوريات"، فهم لا يحسن لهم الشرف بالتكلم بصوت أبناء الشعب والمدرسة العمومية. نحن بأمس الحاجة للتواصل مع من هم مسؤولين.. لإنقاذ التعليم.. فهو ينزف بشدة.. والأكثر خطورة أن هذا النزيف داخلي وخارجي.