مذكرات امحمد التوزاني: الفقيه البصري مسؤول عن أحداث الإنتفاضة المسلحة بمولاي بوعزة ( الحلقة 27 )

مذكرات امحمد التوزاني: الفقيه البصري مسؤول عن أحداث الإنتفاضة المسلحة بمولاي بوعزة ( الحلقة 27 ) الفقيه البصري ومحمود بنونة و امحمد التوزاني( يسارا)
المناضل امحمد التوزاني.. سليل حركة التحرر المغاربية والعربية من مواليد سنة 1938 بتازة، حمل في المنفى 13 اسما حركيا، من بينه خالد (بتسكين اللام) وحسن..صديق الروائي والقاص والصحافي الفلسطيني غسان كنفاني ورفيق درب المناضل الاتحادي المرحوم الفقيه البصري. ناضل بمعية وتحت قيادة الشهيد المهدي بنبركة وعبد الرحمان اليوسفي ومحمد باهي، وغيرهم.
التحق بالاتحاد الوطني للقوات الشعبية في مرحلة التأسيس وتكلف ضمن اللجنة التنظيمية للمؤتمر بالجانب التنظيمي واللوجستيكي إلى جانب المرحوم مصطفى القرشاوي وفاضل الناصري وأحمد الخراص.
التقى أول مرة بالشهيد المهدي بنبركة عام 1962 حين كلف بمهمة استقباله بفاس والذهاب به إلى تأهله ليؤطر تجمعا جماهيريا كان قد هيأ له الفرع الحزبي هناك.
ساهم في تأسيس حركة الاختيار الثوري بعد انتقاله إلى باريس إلى جانب عبد الغني بوستة السرايري وأحمد الطالبي المسعودي رغم كفره بمغامرات قائده ومثله الأعلى محمد الفقيه البصري..
"
أنفاس بريس" تنشر مذكرات المناضل امحمد التوزاني، والتي تسلط الضوء على حقبة مهمة من تاريخ المغرب السياسي.
 
 الأستاذ امحمد التوزاني عاشرت الشهيد الحسين المانوزي، فماذا تعرف عنه ؟
 عرفت الشهيد الحسين المانوزي  بمعسكر الزبداني و لما ذهبت لليبيا وجدته هناك و كان اسمه الحركي ( حسن الصغير ) و قضينا معا حوالي سنة و كان يشتغل بالخطوط الجوية الليبية، فقد كان ميكانيكي طائرات، و أعرف أنه كان يتبرع بجزء من راتبه للتنظيم و نفس الشيء بالنسبة لإبراهيم أوشلح فهو أيضا كان يتبرع بجزء من راتبه.
الشهيد المانوزي، غادر ليبيا متوجها الى تونس و هناك اختطف، و جذير بالذكر أن الحسين المانوزي كان له صديق مغربي مقاول بليبيا اسمه العضمون غالبا كان مخبرا لصالح المغرب و أعتقد أنه كان يتابع تحركات الحسين المانوزي الذي كان كثير الحركة و سبق له أن كان نقابيا ببلجيكا و كان يتصرف كأحد أطر الحزب.
 
 متى اتخذ قرار إطلاق الانتفاضة المسلحة ل 3 مارس 1973  المعروفة بأحداث مولاي بوعزة ؟
لم أكن في القيادة السياسية للتنظيم بل كنت قائدا عسكريا ميدانيا و لا علم لي بكثير من تفاصيل تحركات القيادة السياسية. لكن حسب ما توفر لي من معلومات فقرار الانتفاضة المسلحة ل 3 مارس 1973 نوقش و اتخذ في عدة اجتماعات مكوكية عقدت بكل من ليبيا و باريس و لا شك تمت زيارات التنظيمات الحزبية بالجزائر و ليبيا و أوروبا و كان تاريخ هذه الإجتماعات ما بين يونيو و دجنبر 1973.
 
 هل حضرت إحدى هذه الاجتماعات؟
 
نعم حضرت واحدا منها في طرابلس شهر يونيو 1972.
 
ماذا عن الخلاصات التي خرج بها ذاك الاجتماع ؟
 في يونيو 1972 عدت من المعسكر الى المنزل فوجدت الفقيه البصري و محمود بنونة و الميد و الطاهر الجميعي و أيت قدور. طلب مني الشهيد محمود بنونة الحضور لسماع قرارات القيادة و إبداء ملاحظاتي.
و جدت أنهم وزعوا المغرب الى خمس مناطق عسكرية و هي : منطقة جبال الريف. منطقة الأطلس الكبير. 
منطقة الأطلس المتوسط. منطقة الأطلس الصغير. منطقة سوس.
و قد عينوني في منطقة الريف و أذكر أن من ضمن مجموعتي كان عبد السلام اللالي، وهو خريج الكلية الحربية بحمص و أحمد أوبري ( مقيم حاليا ببروكسيل ) و عمر زهرير ( مقيم حاليا بألمانيا  ) . عينت كمسؤول عسكري على المجموعة و كان عمر زهرير مسؤولها السياسي.
 
 و ماذا كان  رأيك فيما سمعت ؟
 بالنسبة لي اعترضت على تعييني بمنطقة الشمال على اعتبار أنني لا أعرف المنطقة وثانيا اعترضت على أن أكون مع تلك المجموعة لاعتبارات أمنية لأنهم يعرفونني و أعرفهم باستثناء عمر. وقد أبديت ملاحظة أخرى و هي الاعتراض على إدخال الأسلحة حيث قررت القيادة أن كل مناضل سيدخل معه ثلاثة بنادق. في حين أن رأيي كان هو أن إدخال الأسلحة خطر و أن أسلحتنا توجد عند الخصم.
ومن جهة أخرى طلبت توضيحات بخصوص اللوجستيك و تهم :
 عدد المناضلين، الخرائط الطبوغرافية، آليات التواصل و غير ذلك.
طلب الشهيد بنونة من الميد الجواب على أسئلتي وأن يوضح لنا المتوفر من الأشياء المطلوبة و ما يجب ان يوفر.
أكد الميد أن كل المطلوب من طرف ( حسن ) موجود.
قلت و كم عدد الخلايا الجاهزة. فكان الجواب أن هناك ستون خلية و كل خلية بها ثلاثة مناضلين و أن بعض تلك الخلايا موجودة منذ 1968 فعبد الله النمري كان بالصحراء و أومدة بخنيفرة. وقيل لنا أنه قد تم توفير 1500 درهم لكل خلية كمؤونة تكفي لثلاثة أشهر. قلت والسكان هل سيحضنوننا ويدافعون عنا. أجاب : نعم
و لما سمع الفقيه البصري بأسئلتي قال لي هذه أسئلة تقنية، فقلت له هذا عمق الموضوع و إن كانت هذه الأشياء مرتبة يمكنكم تحديد ساعة الصفر و إن لم تتوفر فهناك ضرورة لتوفيرها.
 
و ماذا عن اجتماعات باريس؟
الاجتماع الثاني كان في باريس، و حضره كل من محمود بنونة و أيت قدور و كان العربي عجول و أحمد الطالبي المسعودي ممثلين للعمال و الطلبة و المناضلين  بفيدرالية أروبا كما حضر مسؤول عن كل تنظيم ب ألمانيا، بلجيكا، هولندا و فرنسا. 
و قد انتهى الاجتماع بالاتفاق على عقد اجتماع موسع للتهييء لانطلاق العمل المسلح.
أما الاجتماع الثاني و الذي حضره كل من محمود بنونة و العربي عجول و أحمد الطالبي و أبراهيم أوشلح، و في الاجتماع قدم الشهيد محمود بنونة الخلاصات التي تم التوصل إليها بكل الإجتماعات السابقة التي نظمت في مختلف البلدان التي بها التنظيم. و ظهر في تلك المرحلة أن الشهيد بنونة كان منظرا و مطلعا على مختلف التجارب الثورية عبر العالم و في النهاية قرر الاجتماع مبادئ الثورة و هي :  
- تحقيق و حدة التراب الوطني.
 - رفض أي تواجد عسكري أجنبي بالبلاد.
 - تحقيق الاستقلال الاقتصادي و السياسي.
 - حماية المياه الإقليمية الوطنية من أي سيطرة أجنبية.
 - تحرير المواطن المغربي من كل أنواع الاستغلال الذي يمارسه النظام الإقطاعي المغربي و القوى الإحتكارية.
 - انتخاب مجلس تأسيسي يضع دستور للبلاد و يصبح ساري المفعول بعد مصادقة الشعب.
 - ضمان حرية التعبير و التنظيم السياسي و النقابي و حرية تأسيس الجمعيات و الأندية الثقافية.
 - تحقيق ثورة زراعية شاملة، و استرجاع كل الأراضي التي سلبها المعمرون من الفلاحين الفقراء و جعل المغرب بلدا مصنعا و استرجاع كل المصالح الاقتصادية الحيوية.
و هذا البرنامج هو الذي سيذاع فيما بعد باسم الجبهة الوطنية لتحرير المغرب.
الاجتماع قرر أيضا ضرورة مغادرة بعض الإخوة للمغرب حتى لا ينتقم منهم النظام و هم : الشهيد عمر بنجلون، محمد لخصاصي، الطيب بناني، و عبد الغني بوستة السرايري وقبل ذلك كان قرار مغادرة فاطمة واعزيز والأخيرة هي
 و الشهيد عمر رفضا الخروج من المغرب.

البعض يقول أن رأس الحربة في الدفع بقرار إشعال أحداث مولاي بوعزة بتاريخ 3 مارس هو الشهيد محمود بنونة، فما مدى صحة  صحة ذلك ؟
حسب ما حضرته في اجتماع ليبيا فقد كان الشهيد عمر بنونة مع توفير كل الجوانب التقنية و البشرية لانجاح الثورة و قيل له أن كل شيء جاهز و اتخذ قرار إشعال الثورة و صيغ برنامجها، لكن بعد زياراته التنظيمية للتنظيمات بأروبا و المغرب العربي اكتشف أن التقارير مضخمة و ان الجاهزية في مستواها المتوسط غير متوفرة و ذاك ما قاله بعد عودته الى ليبيا و لذلك أحس أنه تورط في القرار و مع ذلك دخل المغرب و لا شك أن التاخر في إطلاق الشرارة من جهة كان بسبب عدم الجاهزية، لكن بالنسبة لي ان ذلك الوقت الميت الطويل الذي قضاه الثوار داخل المغرب كان عاملا مساعدا للمخزن كي يكشف  التنظيم.
 
سبق للمرحوم الفقيه محمد البصري أن صرح  بأنه لم يكن المسؤول عن أحداث مولاي بوعزة. ما حقيقة الأمر ؟
الفقيه البصري هو من صنع التنظيم المسلح بالخارج و هو من كان يحصل على التمويل و من يوفر المعسكرات، وهو قائد كل القيادة السياسية و العسكرية للتنظيم و كان عبد الرحمان اليوسفي توأمه في الجانب السياسي و الإعلامي و المرحوم اليوسفي نفسه كان مدعما ماديا من طرف رفيقه الفقيه.
لقد قال لنا المرحوم محمد البصري مرة بالجزائر إنه لم يكن مسؤولا عن دخول المجموعة و أنا شخصيا قلت له السي محمد لا اقبل منك هذا لأنني شخصيا أنت من ألحقني بهذه الحركة و أنت من عرفني بكل هؤلاء المناضلين.
المرحوم محمد الفقيه البصري لا يمكنه اخلاقيا و نضاليا التنصل من مسؤوليته عن أحداث 3 مارس 1973 التي كانت بالنسبة للتنظيم إطلاق شرارة الثورة بالمغرب ضد النظام الإقطاعي و إحلال جمهورية ديموقراطية محله.