كشف تدبير ملف بطولة القسم الأول هواة لكرة القدم شطر الجنوب الارتجالية وسوء التدبير واللامبالاة التي تتعامل بها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم مع ملف حساس ذي أبعاد فوق رياضية وسياسية واضحة. البطولة كانت تجري بشكل عادي وبمشاركة 16 فريقا، من بينها فرق لها تاريخ عريق في كرة القدم المغربية كشباب المحمدية ونهضة سطات وثلاثة فرق تمثل الأقاليم الصحراوية الجنوبية وهي مولودية العيون، مولودية أسا الزاك ومولودية الداخلة.
محمد شروق
مع حلول السنة الجارية، توقفت فجأة عجلات البطولة وتراكمت المباريات المؤجلة بسبب انتهاء العقد الذي كان يربط الجامعة وشركة خاصة للنقل كانت تتكفل بتنقلات الفرق الصحراوية الثلاث. هذه الأخيرة وجدت نفسها بعد عدم تجديدي العقد عاجزة عن التنقل إلى مختلف المدن الممثلة في القسم الأول هواة، علما بأن لعب مباراة واحدة خارج مدن الصحراء تكلف حوالي ثمانين ألف درهم. ومع توقف البطولة وجدت جميع الفرق نفسها أمام التزامات مالية تجاه الأطر التقنية واللاعبين، وحتى المستشهرين والمؤسسات الداعمة أوقفت الدعم مع توقف المنافسات.
في نفس السياق قامت فرق الصحراء التي لم تستطع مواكبة هذه المشاكل المادية وقف نشاطها الرياضي، وذلك بفك الارتباط مع أطرها وتسريح لا عبيها. نفس المشاكل عانت منها الفرق الأخرى، وخاصة تلك التي كانت تلعب من أجل الصعود إلى القسم الموالي واستثمرت أموالا مهمة وتعاقدت مع لاعبين مكلفين. وعندما بلغ السيل الزبى اجتمعت جميع الفرق المتضررة من توقف البطولة بمدينة المحمدية وبمبادرة من فريقها شباب المحمدية لمرتين اثنتين في شهري مارس وأبريل لاتخاذ موقف موحد أمام صمت الجامعة في شخص لجنة الهواة التي يرأسها البشير مصدق. الفرق هددت باللجوء إلى القضاء وبالاعتصام أمام مقر الجامعة وحتى باللجوء إلى الجامعة الدولية. أما الوزارة الوصية فلم تكلف نفسها حتى الرد بالسلب أو بالإيجاب على المراسلات المتعدد للفرق المعنية. بل إن الوزير الوصي محمد أوزين وفي جواب داخل البرلمان، فاجأ الجميع عندما صرح بأن الوزارة لا علم لها بأي مشكل ببطولة الهواة.. يا سبحان الله!!
في تطور الأحداث، أصدرت فرق الصحراء الثلاث بلاغا أكدت فيه عدم إتمام البطولة نظرا للأوضاع التي تعيشها المنطقة والعجز عن أداء أجور اللاعبين وتراكم الديون واستحالة برمجة المباريات في فترة الصيف التي تشهد فيها المنطقة الجنوبية حرارة مفرطة، إضافة إلى مشكل التنقل وهو أساس كل المشاكل. هذا البلاغ تقبلته الجامعة بصدر رحب وتعاملت معه وكأنه اختيار لهذه الفرق، فخرجت عن صمتها وقامت باقتراح استئناف البطولة بدون فرق الصحراء. لكن الفرق الأخرى اجتمعت من جديد بالمحمدية بحضور جميع الفرق وممثل عن فريق مولودية أسا وأصدرت بلاغا رفضت فيه استحالة إجراء بطولة منقوصة، وأكدت تضامنها مع فرق الصحراء وقالت بشكل واضح وصريح: لا بطولة إلا بمشاركة الفرق الممثلة لأقالمينا الصحراوية. أمام احتجاجات هده الفرق، لجأت لجنة الهواة التابعة للجامعة إلى المراوغة، وصرح رئيسها مصدق يوم 03 ماي الجاري أن قضية اقتناء حافلات لفرق الصحراء قد سويت بعد أن تم التوقيع على الوثائق الإدارية الخاصة بالموضوع وذلك بقيمة 100مليون سنتيم.
وكان رئيس اللجنة قد أكد في وقت سابق أن الجامعة ستعقد اجتماعا حاسما لاتخاذ القرار المناسب في ملف الهواة، وهو ما لم يتم إلى حدود كتابة هذه السطور.
للإشارة، فإن ممثل فريق نهضة سطات قد صرح خلال اجتماع فرق الهواة بمدينة المحمدية وحضرته «الوطن الآن» بأن المصالح الاجتماعية للقوات المسلحة الملكية هي التي كانت تتكفل بأداء فاتورة تنقل فرق الصحراء.
فلماذا لم يتم تجديد العقد مع شركة النقل في الوقت المناسب حتى تبقى البطولة تجري بشكل عادي؟ وحتى في حالة عدم تجديد العقد في وقته، لماذا لم تتعامل الجامعة مع الموضوع بشكل جدي وتبدع حلولا مناسبة؟ علما بأن الأموال لا تعوزها عندما تريد، ثم كيف؟ وخير دليل هو ما صرفته على المشاركة الباهتة في كأس إفريقيا بجنوب إفريقيا (أزيد من 800 مليون سنتيم في أسبوعين)!!
في نفس السياق يعلم الجميع أن المغرب كدولة استثمرت الأموال الطائلة في الأقاليم الصحراوية الجنوبية منذ استرجاعها بعد نجاح المسيرة الخضراء. وكان القطاع الرياضي دائما حاضرا في جميع المشاريع التنموية من خلال بناء المركبات الرياضية والملاعب وخلق العصب والتشجيع على تكوين الأندية الرياضية في مختلف الأنواع. والمعروف أن نقل فريق شباب المسيرة القوات المساعدة سابقا إلى مدينة العيون كان قرارا سياسيا بامتياز من أجل الدفع بالحركة الرياضية بمدينة العيون، وبالتالي إلى المدن الجنوبية الأخرى إلى الأمام. وكانت دائما الفرق التي تتنقل إلى العيون وإلى حد اليوم تتلقى مساعدات مادية من الجامعة.
فكيف إذن تتعامل الجامعة والوزارة الوصية مع وقف النشاط الكروي بمدن الصحراء بهذه السهولة؟ فهل 100عجزت الجامعة عن تأمين 30 مليون سنتيم وهو مقابل مساهمتها في شراء ثلاث حافلات لفرق العيون، أسا والداخلة؟ علما بأن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ستساهم في هذه الصفقة بـ 70 مليون سنتيم!! وإذا كان السيد الوزير الذي بشغل وظيفة سياسية ويجهل أن هناك مشكلا حقيقيا بالأقاليم الصحراوية ويصرح بذلك أمام نواب الأمة.
وإذا كان رئيس الجامعة يقفل باب الحوار مع الفرق المتضررة تاركا رئيس لجنة الهواة يطلق تصريحات كلها مراوغة وربح للوقت. فهل تبادر جهة أخرى أعلى من الرئيس والوزير لحل مشكل مرتبط بأقاليم تمثل 42 في المائة من مساحة البلد وتشكل الرياضة أحد العوامل في تجديد اللقاء معها؟ علما بأن الوقت قد فات وأن فرق الهواة شطر الجنوب تعيش موسما أبيض لا شك فيه!!