"شعب الوداد" يطالب برحيل الرئيس عبد الإله إكرم

"شعب الوداد" يطالب برحيل الرئيس عبد الإله إكرم

تحول مركب فريق الوداد البيضاوي من فضاء للتدريب إلى ساحة للاحتجاج المتتالي على المكتب المسير للفريق، وخاصة ضد الرئيس عبد الإله أكرم. وقفات احتجاجية سلمية مستمرة بمشاركة المئات من عشاق الفريق كان آخرها الوقفة المنظمة يوم الأحد 05 ماي شعارها الوحيد: «أكرم .. إرحل»...

 

محمد شروق

 

هناك شكل آخر من الاحتجاج تسلكه الجماهير الودادية وخاصة «إلترا وينرز» هو مقاطعة مباريات الفريق، وكانت البداية خلال مباراة الديربي ضد الرجاء. وتبين بما لا يدع مجالا للشك أن للواقفين وراء دعوة المقاطعة سلطة ونفوذا يجب أخذهما بعين الاعتبار. ومقاطعة المباريات شكل من الأشكال الذي تختاره الجماهير في العالم للتعبير عن غضبها، حيث يمكن الحضور إلى الملعب ومغادرته مباشرة بعد بداية المباراة أو إدارة الظهر للمباراة أو حمل المناديل البيضاء كما تفعل جماهير ريال مدريد، وهي جميعها أشكال حضارية للتعبير عن عدم الرضا عن الوضع القائم والدعوة إلى التغيير. هذا دون أن نتحدث عن سبل أخرى غير حضارية تتميز بالعنف ضد اللاعبين والمسؤولين وهي أشكال منبوذة. دوافع الحراك ضد أكرم والمحيطين به حسب الفصائل المختلفة، وخاصة الوينرز، هي سوء التدبير المالي بعد تراكم الديون على الفريق وعدم أداء أجور ومنح اللاعبين، ضعف النتائج رغم جلب عدد كبير من اللاعبين، ودليلهم هو الحصيلة الهزيلة للست سنوات التي تحمل فيها أكرم الرئاسة والمحدودة في لقب بطولة وحيد، عدم التواصل والتحكم العائلي في الفريق، في إشارة إلى ابن الرئيس الذي يتدخل في كل صغيرة وكبيرة داخل الوداد.

إلا أن ما يقع اليوم داخل الوداد بدأ في الموسم الماضي بعد التعاقد مع الكثير من اللاعبين دون أن يكون لذلك تأثير على النتائج تحت إدارة المدرب الاسباني العجوز «بنيتو فلورو» الذي أثبت فشله الواضح. وجاء الزاكي ابن الفريق الذي أنقذ ما أمكن إنقاذه، لكن بقي هناك شعور داخل الوداد هو أن هذا الهدوء الذي عم الفريق هدوء يسبق العاصفة، وهو ما تأكد حين انفجر الوضع من جديد مباشرة بعد الهزيمتين أمام نهضة بركان والنادي القنيطري المهددين بالنزول إلى القسم الموالي. الجماهير إذن مصرة على رحيل الرئيس أكرم وتهدد بالتصعيد بنقل احتجاجاتها إلى مدن مغربية أخرى وبسلك أشكال نضالية أخرى قد تصل إلى الاعتصام أمام مركب بنجلون. والرئيس يرفع ورقة الشرعية ويقول إنه جاء للرئاسة عن طريق صندوق الاقتراع ولن يرحل إلا عن طريق التناوب الديمقراطي داخل جمع عام مغلق.

وهنا يطرح إشكال حقيقي ذلك أن «برلمان الفريق» الذي يشكله المنخرطون ويتحكمون في مسار الفريق لا يتعدى عددهم الأربعين فردا يؤدي كل منهم عشرين ألف درهم، في حين أن جماهير الوداد تقاس بالآلاف والآلاف، وهي أغلبية لا حق لها في ممارسة هذا الحق الديمقراطي عن طريق التصويت. فكي يكون لك صوت داخل البرلمان الودادي «المنخرطون» دون أن ننسى الفرق الأخرى، عليك أن تؤدي هذا المبلغ الضخم بالنسبة للجماهير الحمراء. إذن العملية الديمقراطية التي تخلص إلى الشرعية تحولت إلى «ديمقراطية النخبة». وهو تحول في مفهوم الديمقراطية، لأن هذه الأخيرة وفي أبسط معانيها هي حكم الشعب للشعب، لكنها انتقلت بعد سن قانون المنخرط إلى حكم الأقلية القادرة على شراء حق التصويت للأغلبية المغلوبة على أمرها، والتي عندما تجد نفسها أمام شروط تعجيزية لممارسة حقها في التعبير تكون مضطرة إلى فرض رأيها عن طريق الاحتجاج الحضاري والنزول السلمي إلى الشارع.

أكثر من هذا، فإن ما أجج الوضع داخل الوداد وساهم في احتقانه هو تصريحات الرئيس أكرم الذي نعت خصومه بـ«المرايقية» المأجورين، أي البلطجية المدفوعين من جهات خفية نهلا من قاموس الربيع العربي، وأيضا في سياق خطابات رئيس الحكومة الذي يشكو مرارا من التماسيح والعفاريت. هي إذن نظرية المؤامرة التي ترفع عند التعبير عن أي رأي مخالف أو معارضة للوضع القائم. ذوو النيات الحسنة، وخاصة قدماء اللاعبين الذين يشتغل أغلبهم داخل الفريق، يحاولون التوسط بين الرئيس والجماهير لرأب الصدع عن طريق الحوار، وهو حوار الصم المحكوم عليه بالفشل ما دام أن شرط الجماهير هو رحيل الرئيس.

ومن الموضوعية القول إن الأزمة الني يمر منها الوداد هي واجهة للأزمة العميقة لكرة القدم المغربية والمشاكل التي تتخبط فيها أغلبية الأندية، فمحيط كرة القدم غير صحي. والأكيد أن رحيل الرئيس أكرم لن يضع حدا للاختلالات داخل البيت الودادي.

 

خاتمة لها علاقة بما سبق

أمر آخر لا يثيره أحد وهو أن الوضع لدى الجار الأخضر الرجاء له تداعيات داخل الوداد، وهذا معروف في تاريخ الفريقين اللذين يتأثران بوضعية بعضهما البعض. فالرجاء إلى حد اليوم وبعد الفوز بكأس العرش تبحث عن اللقب وتعيش استقرارا تقنيا ووضعها المالي مستقر وأرست إدارة تقنية يشهد لها الجميع بالكفاءة.. وهذا يثير القلق في نفوس الوداديين المتطلعين إلى رؤية فريقهم في أفضل حال، والذين يدخلون في مقارنة طبيعية مع الآخر. ولكن حذار فكل شيء هش داخل البيت الأخضر، وما يعيشه الوداد اليوم قد يحدث غدا داخل الرجاء إذا لم تحضر النتائج وأولها الفوز بلقب البطولة.