لو كان المغرب دولة فيدرالية لأمكن “استيعاب” التفاوت الفاضح في إنجاز الأوراش وتنفيذ المشاريع بين هاته المدينة أو تلك، ولقلنا إن حكومة كل “ولاية مغربية” أو “دويلة مغربية” لها مساطرها وميزانيتها ولديها نسقها وسرعتها وإرادتها في تتبع تنفيذ المشاريع.
لكن أن يكون المغرب دولة موحدة: بالمفهوم الدستوري، أي دولة تخضع لحكومة واحدة وبرلمان واحد وإدارة واحدة وقانون واحد وترسانة تنظيمية واحدة من طنجة إلى لكويرة، في حين على أرض الواقع نجد أن الحكومة والإدارة العمومية معبأتين فقط لتتبع الأوراش المسطرة بمدينة الرباط، فهذا عين الظلم والفساد والاستهتار بمصالح الشعب المغربي.
ففي أواخر سنة 2021، احتفلت الإدارة المركزية والحكومة المغربية بتحطيم رقم قياسي في إخراج نفق حسان الرابط بين الرباط وسلا، داخل مدة لم تتجاوز 45 يوما.
حدث إنجاز نفق حسان في شهر ونصف كان يمكن أن يشكل مصدر اعتزاز لكل المغاربة، لو كان المواطن يرى نفس الحزم والجدية في إخراج أوراش الطرق والقناطر وباقي المرافق العمومية داخل الآجال المرسومة من طرف السلطات الحكومية والمنتخبة والترابية والتقنية وشركات التنمية المحلية المكلفة بكل ملف على حدة.
كان لحدث تحطيم رقم قياسي في إنجاز نفق حسان أن ينهض كعلامة label لتسويق ترابي جيد لفائدة كل الجماعات الترابية بالمغرب على المستوى العالمي، لو أن كل الصفقات الخاصة بالمشاريع الموجودة بمختلف المدن المغربية تحظى بنعمة “وبركة” التتبع الدقيق بمثل ما تحظى به مشاريع الرباط.
كيف للحكومة وللإدارة المركزية أن تنتشي بإنجاز نفق حسان في ظرف قصير جدا، وسكان الدار البيضاء بلغ بهم اليأس درجة قصوى بسبب “التجرجير” في إنجاز الطرق والقناطر”؟!
كيف يعقل لوزير أو وعامل عمالة أو رئيس جهة أو عمدة أو برلماني أو قاض بمجلس الحسابات أو مفتش مركزي، أن ينام مرتاح البال وهو يرى أن مجرد توسيع قنطرة صغيرة بسيدي البرنوصي (قنطرة كابلام) انطلقت الأشغال بها وبالشارع الرابط بين حي الأزهر وحي القدس عام 2016، دون أن ينجز المشروع إلى حد الآن رغم مرور أكثر من خمس سنوات، علما أن قنطرة كابلام تربط بين حوضين جغرافيين جد مهمين (سيدي مومن والبرنوصي) يصل عدد سكانهما إلى حوالي 800 ألف نسمة (أي أن سكان هذين الحيين يساوي سكان الرباط ككل!!). لا، ليس هذا وحسب بل إن قنطرة كابلام تعد جسرا مهما يهيكل أهم حزام صناعي بالمغرب يمتد من أهل الغلام إلى شاطئ النحلة، وهو الحزام الذي يضم 650 وحدة صناعية توظف أزيد من 65 ألف شخص، معظمهم يمر عبر قنطرة كابلام صباح مساء.
اخترنا فقط قنطرة كابلام كمثال وعنوان على لامبالاة السلطات العمومية بعذابات المواطنين، لأن المقام لا يسمح باستعراض لائحة طويلة تشمل آلاف المشاريع التي تنجز بطريقة سلحفاتية بمختلف مناطق المغرب: شرقا وغربا، شمالا وجنوبا.
والله يعطي للمغاربة بباقي المدن، زهر نفق حسان!!