مصطفى المودن:صرخة من سيدي سليمان

مصطفى المودن:صرخة من سيدي سليمان مصطفى المودن
في سيدي سليمان لا أعلم أن مجلسها الحضري متواجد، أو له كينونة..لاشيء، لا تواصل. وإلا مَن يفدني بعكس ذلك.
يبدو لي انها المدينة الوحيدة التي تقطعها طريق وطنية وهي محفرة! هذا لا يهم. ياك نعام أسيدي !
وشوارع وأزقة محفرة، بل منها الكثير الذي يغطيه الوحل شتاء، والغبار صيفا..
سيدي سليمان الآن عاجزة حتى على تغيير مصابيح الشوارع التي لا تعمل!
ورغم ذلك أرى مرارا سيارات الخدمة الخفيفة التي تحمل ج الحمراء تتجول.. فلماذا كل هذه السيارات؟ هل سائقوها يسهرون ويرابطون ليل نهار لقضاء مصالح السكان؟ اي مصالح؟ كل شيء متوقف.. أو فليفدنا مَن يعرف شيئا في ظل الكتمان.
لا توجد بالمدينة حديقة معتبرة تؤمها الأسر وخاصة الأمهات رفقة أولادهن. لا شيء غير خلاء وسط حي السلام، وخلاء قبالة أحد الأسواق الحديثة.. وطبعا جوانب المدينة المنفتحة على الحقول والبساتين.. حيث يقتعد الناس المكان والأطفال حولهم يجرون.
لا شيء للأطفال أعده المجلس الحضري، خزانة البلدية شبه معطلة لفقرها المدقع كتبا وبرمجة وتنشيطا واستقطابا. رغم إثقالها بالموظفين.
ولولا ملعب موروث عن حقبة الاستعمار، يجد فيه الاطفال مجالا للركض الأسبوعي وراء كرات ممتلئة بالريح.
ولولا مساهمة محتشمة من الحكومة لوضع قاعة مغطاة للألعاب الجماعية، وملعب فيما ينعب ب"القرب"، رغم ان ذلك ليس بالمجان!
في هذه المدينة التي تتوفر على تربة خصبة وعالية الجودة، تجعل من عودٍ نبتة! لا يكلف مجلسنا الحضري غير الموقر نفسه بغرس اي شجرة أو نبتة! بل جلّ ما يشغل به أنفسهم المكلفون بالنباتات هو التشذيب وإعادة التشذيب لِما يوجد من أشجار.
ربما لا يعلم عدد كبير من سكان هذه المدينة أن جل البقع التي كان يمكن ان تحتضن حديقة او مرفقا عموميا تم تحويلها تحت إشراف رئيس سابق الى قطاع خاص، وسأظل أدعو لفتح تحقيق في هذا الشأن، لا يحق أي تقادم فيما يخص هذا المجال.
سي سليمان غارقة فيما يصدر عن مجرى نهر بهت من روائح كريهة طيلة السنة، جراء القاء النفايات السائلة به، وتوقف جريان الماء.. كارثة بيئية كاملة العناصر.
هل المجلس الحضري يفكر بعد كل هذا في قضايا استراتيجية، كخلق فرص التشغيل؟ فاقد الشيء لا يعطيه.. ماتزال بقايا المنطقة الصناعية قائمة، منذ ان كان هناك تخطيط في بداية النشأة، لتكون الى جانب الأحياء السكنية المرافقُ الإدارية، والمرافق الثقافية والرياضية، والحي الصناعي، وهو يحاذي الخط السككي. لم يكن ذلك عبثا. العبث هو عندما تم تحويل طرف من هذه المنطقة الى حي سكني. وعندما ظهرت متجزئات سكنية شبه عشوائية، تستجيب لحاجيه السكن، ولا شيء غير ذلك.. وقد تعرض بعضها لتلاعبات وتحويل بقع الى غير ما وضعت له.
مدينة تائهة، تدفع النخب الميسورة الى مغادرتها، والسكن بمدن اخرى، ولو كان مكان الشغل هو سيدي سليمان، كالأطباء والمحامين والصيادلة وكبار الموظفين.. وهم محقون في ذلك.
مدينة تكثر فيها المقاهي، وبعضها تحتل عنوة أكبر قدر من الرصيف. بل قد يغلق نهائيا اذا أضيفت دراجات الزبناء إلى الكراسي.. ولا من يتكلم!
ورغم ذلك تبقى سيدي سليمان فضاء مرحّبا، فكم استقطبت هذه المدينة على مدى سبعة عقود او اكثر سكانا مِن مختلف الآفاق.. وبالتالي لا تستحق هذه المدينة الوضع البئيس الذي تعيشه..
 
مصطفى المودن، أستاذ وفاعل جمعوي وأديب