يزيد البركة: تحقيق "الغارديان" بخصوص اغتيال بنبركة استخباراتي

يزيد البركة: تحقيق "الغارديان" بخصوص اغتيال بنبركة استخباراتي المهدي بنبركة، ويزيد البركة(يسارا)
بعد عقود يتوضح حجم الحقد، إذ ما تزال أيادي الصهيونية والرجعية وأوساط الامبريالية، تلاحق الشهيد المهدي بنبركة بعد اغتياله في 1965 كما كان عليه الأمر ‏في حياته، وها قد طلعت علينا جريدة الغارديان البريطانية بـ "تحقيق" يراد منه أن يكون صحافيا، ولكنه تحقيق استخباراتي مفبرك لا ‏يمت بصلة للصحافة وبقواعدها الأخلاقية، وترك كاتب التحقيق فجوات عديدة بدون تقديم أدلة على ادعاءاته، التي تشبه الادعاءات ‏التي سبق أن روجت عن المهدي في الأوساط الرجعية المغربية للنيل من تاريخه النضالي.
‏-حاول التحقيق أن يقول إن "الشيخ" الذي تشير إليه أرشيفات حصلت عليها أوساط امبريالية صهيونية من تشيكوسلوفاكيا هو اسم مستعار للمهدي ‏بنبركة، بدون أن يقدم " الصحافي " أي دليل على ذلك.‏
‏-أشار "التحقيق" أن الشيخ، ذاك، كان يتلقى أجرا من الاستخبارات التشيكية، مقابل خدمات يقدمها لهذا الجهاز ولفائدة استخبارات ‏الاتحاد السوفياتي، والحال أننا نعرف أن تيتو قطع علاقاته مع ستالين وأجهزته وساء الأمر بينهما وساء مع من خلفه في السلطة السوفياتية، وأن المهدي هو من كان يحاول أن ‏يرطب الأجواء بينه وبين القادة الجدد للاتحاد السوفياتي.
‏- فيما يتعلق بما يدعيه "التحقيق" بأن الشيخ يعمل لفائدة الاستخبارات التشيكية فالأمر سخيف لأن المهدي له علاقة مع كبار القادة ‏في الأحزاب الشيوعية ومن ضمنها الحزب الشيوعي التشيكي، وعلاقات مع قادة من هذه الأحزاب تمارس السلطة، ونفس الأمر فيما ‏يتعلق بالأحزاب التقدمية والشيوعية في كل بلدان العالم، والقول إن المهدي الذي له هذه العلاقات على أعلى مستوى في الدولة والحزب يرضى أن ‏يتبادل خدمات مقابل أجر مع موظف في جهاز استخبارات لدولة من الدول وهو يلتقي الرئيس تيتو وخروتشوف وماو وجمال عبد الناصر و.... وكبار القادة، لهو بلادة من ‏صاحب التحقيق، لأنه يعتقد أن الفبركة ستتلقفها الأحزاب التقدمية في العالم وسيثق بها الرأي العام.‏
‏-المهدي ليس في حاجة إلى أجر من أي جهة كانت، والأحزاب التقدمية والشيوعية المتسلمة للسلطة في بلدانها قد خصصت ‏أقساطها لميزانية تشكيل منظمة القارات الثلاث، والمهدي لم يستجد أحدا في حياته، لا في مصاريفه وتنقلاته، ولا في عيش أسرته، وعلى كل فحاله وحال أسرته بعد مماته دليل على نصاعة ذمته. وتلك المساهمات بأقساط مالية هو نفس ‏الأمر الذي كان في بداية تأسيس منظمة عدم الانحياز. ‏
لأهمس في أذن "الصحافي" بسر هو أن المطبعة التي كانت تطبع جريدة التحرير في المغرب هي هدية من الحزب الشيوعي ‏التشيكي لفائدة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، ولأهمس له أيضا أن المنح الطلابية التي كان يحصل عليها المهدي من الأحزاب التقدمية ‏والشيوعية الموجودة في السلطة كان يسهر على أن تكون متاحة لأبناء الشعب المغربي، ولا فرق في ذلك بين من ينحدر من أسر موسرة أو ‏فقيرة، ولو كان كما يقول صاحب "التحقيق" طاعنا في أخلاق الشهيد لفرض على الأسر الموسرة مقابلا ماليا، بل أكثر من هذا كان يمرر منحا للطلاب الأفارقة في عدد من ‏الدول التي كانت تحت السيطرة الاستعمارية.‏
نحن نعرف أن الصهيونية لا يمكن أن تنسى بسهولة تأخير تغلغلها في إفريقيا لعدة عقود وقد فضحه المهدي في بداياته وحد منه، ولا أدل على ذلك من إحباطه ‏لكثير من تحركاتها على المستوى الدولي في آسيا وأمريكا اللاتينية وحتى في أوروبا، ونعرف أن مخططاتها كبيرة في العالم وشهيتها ‏كبيرة في السنوات الأخيرة لابتلاع الدول العربية، ولكن مشكلتها مع الشعوب التي تقف بالمرصاد لها، ومحاولتها النيل من التاريخ النضالي لهذه الشعوب وقتل ‏ذاكرتها يدخل ضمن ذلك المخطط الكبير.‏