ضدا على جحود نظام الجنرالات: المغرب نقل صوت الثورة الجزائرية إلى العالم

ضدا على جحود نظام الجنرالات: المغرب نقل صوت الثورة الجزائرية إلى العالم دحو ولد قابلية ( يمينا) والراحل عيسى مسعودي
احتفى النظام الجزائري أخيرا بالذكرى 65 لتأسيس الإذاعة السرية للثورة الجزائرية، وحرص على أن يكون هذا الاحتفاء مطبوعا بتغذية عدائه للمغرب، من خلال توجيه تعليماته إلى أجهزته الإعلامية بعدم الإشارة إلى ان هذه الإذاعة، التي كانت صوت الثورة الجزائرية، احتضنها المغرب وكانت تبث برامجها على الموجات القصيرة من المنطقة الشرقية.

لقد تأسست إذاعة "الجزائر الحرة المكافحة" السرية في 16دجنبر 1956، بأمر من قائد الولاية الخامسة لجيش التحرير عبد الحفيظ بوصوف، وكان مركز بثها شاحنة متحركة في ضاحية وجدة في المغرب، لكي لا ترصدها مخابرات الاستعمار الفرنسي وتم نقل مركز بث الإذاعة لاحقا إلى مدينة الناظور. وكان المرحوم عيسى مسعودى، أشهر مذيعيها ويتحلق الجزائريون يوميا لسماع صوته وهو يصدح قائلا: "هنا إذاعة الجزائر الحرة المكافحة.. صوت جيش التحرير وجبهة التحرير الوطني.. يخاطبكم من قلب الجزائر". محاولا إزعاج المستعمر، بينما كان يخاطبهم في الواقع من قلب المغرب في الناظور تحديدا!  

وساهم المغرب باحتضانه الإذاعة الجزائرية السرية في نقل صوت الثورة الجزائرية إلى العالم وإرباك الاستعمار الفرنسي، الذي كان يطمع في تأبيد احتلاله الجزائر وتحويلها إلى مقاطعة فرنسية وراء البحار، وظل صوت المذيع عيسى مسعودي من مدينة الناظور المغربية، الصوت الأبرز والحماسي في إلهام الثوار في الداخل الجزائري، بإطلاع الرأي العام بمجريات الثورة ومعركها ضد المستعمر، إلى حد أن الرئيس الجزائري الأسبق علي كافي، ذكر في مذكراته أن "الهواري بومدين قال أن "تحرير الجزائر نصفه لجيش التحرير ونصفه الآخر لعيسى مسعودي".
 
ولم يكتف المغرب باحتضان الإذاعة وهي تبث برامجها ساعتين يوميا على الموجات القصيرة، بل كان يبث برامجها في نفس التوقيت معها، عبر بعض إذاعاته المحلية. 

وقد حرك النظام الجزائري أجهزته الإعلامية للاحتفال بالذكرى 65 لتأسيس الإذاعة السرية في 16 دجنبر 2021، موجها تلك الأجهزة إلى تبني سياسة الجحود وعدم الاعتراف بجميل المغرب على الثورة الجزائرية، بعدم ذكرها أن الإذاعة كانت تبث برامجها من منطقة الشرق المغربية. وذهب وزير الداخلية الجزائري الأسبق دحو ولد قابلية، وهو رئيس جمعية وزارة التسليح والاتصالات العامة (المالغ)، التي كانت تنشط في وجدة ومدن مغربية أخرى إبان الثورة الجزائرية في نفس المنحى، متعاميا في محاضرة له قبل أيام ،في مقر الإذاعة الجزائرية بمناسبة الذكرى 65 سنة لتأسيس الإذاعة السرية، بعنوان"دور الإذاعة السرية إبان حرب التحرير"، عن ذكر تفاصيل احتضان المغرب هذه الإذاعة وما قدمه من دعم كبير للثورة، باعتباره كان مقيما في المغرب لعدة سنوات وشاهدا على سخاء المغاربة في شرق البلاد وبقية مناطقها في مؤازرة كفاح الجزائريين لنيل استقلالهم.

والملاحظ أن نهج النظام الجزائري في الجحود ونكران فضل المغرب على الثورة الجزائرية، صار أمرا ثابتا في سياساته منذ استقلال الجزائر قبل 59 سنة وعمل بتصميم ينم عن الخبث وسوء النية،على ألا تعلم الأجيال المتعاقبة في الجزائر المستقلة شيئا عن دعم المغرب للثورة الجزائرية. وواصل محاولاته الفاشلة لمحو صفحات النضال المشترك ضد الاستعمار من الذاكرة المشتركة المغربية الجزائرية، طمعا في دفن الرصيد الإيجابي المشترك بين البلدين الشقيقين، وإفساح المجال لسياسته العدائية ضد المغرب، التي وصل بها أخيرا إلى قراره قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وتصعيد مؤامراته ضد المغرب ووحدته الترابية.

احتفى نظام الجنرالات في الجزائر في يوم 16 دجنبر 2021، بطريقته المسكونة بخلفية العداء للمغرب، بذكرى تأسيس إذاعة الثورة السرية ومن حق الشعب الجزائري الشقيق الاحتفاء بالمحطات المضيئة في ثورته التحررية، لكن ليس من حق المتحكمين في رقابه ممارسة التعتيم وفبركة تاريخ جديد للثورة بإنكار ما قدمه المغرب ودول أخرى من دعم للثورة.

وفي واقعة إذاعة الجزائر الحرة والمكافحة، لن يستطيع النظام الجزائري، مهما بذل من مناورات ومؤامرات لضرب الذاكرة المشتركة المغربية الجزائرية، أن يمحو أن المغرب الذي احتضن تلك الإذاعة، أوصل، بكل أريحية ونكران ذات وبدون منة، صوت الثورة الجزائرية إلى العالم.