من بين المؤشرات التي تقاس بها قوة الدولة اقتصاديا وصناعيا وتكنولوجيا وجامعيا، هناك مؤشر ما تنتجه وتسجله دولة ما من براءات اختراع في السنة.
في المغرب، اعتدنا قياس مرتبة بلادنا مقارنة مع دول المعمور بناء على مؤشرات كلاسيكية من قبيل: الرشوة واستقلال القضاء ومناخ الأعمال والتنمية البشرية والدخل الفردي وجودة العيش الحضري وتمثيلية النساء في هرم المسؤولية الإدارية بالقطاع والخاص...إلخ.
اليوم نحن مطالبون باستحضار مؤشر آخر مهم ودال، ألا وهو: كم ينتج المغرب ويسجل من براءة اختراع في السنة؟
بالعودة إلى الإحصاءات المتاحة، نجد أن حصيلة المغرب في هذا الباب كارثية جدا. ففي سنة 2020 لم تسجل بالمكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية سوى 242 براءة اختراع من أصل مغربي (من أصل 2550 براءة اختراع مغربية وأجنبية!!).
وإذا علمنا أن مجموع براءات الاختراع المسجلة والمودعة لدى الهيئات الوطنية لمختلف دول العالم، آنذاك سنعي الحجم الحقيقي للمغرب. إذ لا تمثل حصة المغرب سوى 0،001 في المائة مما أنتج كونيا (16 مليون براءة اختراع دولية). وهي حصيلة هزيلة جدا لا تمثل أي وزن.
وتزداد الوضعية قتامة إذا علمنا أنه حتى بتلك الهزالة في إنتاج براءات الاختراع سنويا، فإن المغرب لم يسجل عام 2020 سوى 33 براءة بالمنظمة العالمية للملكية الفكرية التابعة للأمم المتحدة( مقرها بجنيف)، علما أن عدد البراءات المودعة من طرف البلدان لدى المنظمة الدولية بجنيف خلال نفس الفترة، بلغت 3.730.000 براءة اختراع تقريبا. بمعنى أن حصة المغرب في المساهمة الكونية عبر الإيداع بمقر المنظمة بجنيف، لا تتجاوز 0،008 في العالم.
وبالعودة إلى جداول المنظمة الأممية(WIPO)، نجد أن خمس دول تحتكر تسجيل براءات اختراع، وهي: الصين التي سجلت في السنة المذكورة ما مجموعه 1،5 مليون براءة اختراع، متبوعة بالولايات المتحدة (597.772 براءة )، واليابان (288.472)، تم كوريا الجنوبية (226.759) ودول الاتحاد الأوربي مجتمعة (180.346).
حصة هذه الدول الأربع مع الاتحاد الأوربي تمثل 85 في المائة من الحصة العالمية، فيما تتقاسم أربع دول 15 في المائة من ما تبقى من الربع الأخير، وهي: روسيا بتسجيلها 34.984 براءة اختراع، تم الهند (56.771)، وكندا (34.565)، وأستراليا (29.294).
أي أن تسع دول تحتكر لوحدها 89،2 في المائة من مجموع ما يسجل من براءات اختراع بجنيف، فيما تتقاسم 190 دولة أخرى الفتات بينها.
أما إذا فككنا القطاعات التي ينشط فيها البحث وتسجيل براءات الاختراع، فنجد قطاع المعلوميات وتكنولوجيا الهواتف والاتصال على رأس القائمة، متبوعا بالمعدات الكهربائية المستعملة في كل الأغراض( المدنية والعسكرية)، وثالثا هناك قطاع الالات الصناعية والقياس، يليها في المرتبة الرابعة قطاع الصناعة الدوائية والآلات والمعدات الطبية.
وإذا علمنا أن من يملك براءات الاختراع يتحكم في الخريطة الصناعية والخدماتية، وبالتالي يكون المتحكم في ماكينة الإنتاج وخلق الثروة وفرص التشغيل،( أي الرخاء والاستقرار بالدولة ورفاهية شعبها ) ، آنذاك نعي حجم الهوة الني تفصل المغرب عن الآخر.
رحم الله من عاش وعرف قدره.. وبالمقابل بارك الرب من يسعى (كل من موقعه)، لرفع المذلة عن مواطني دولته لإدخال بلده في رادار البحث العلمي والصناعي والإنتاجي لخلق الثروة والرخاء والرفاهية.