لماذا عاد السلطان أردوغان لحضن الإمارات واستقبل محمد بن زايد؟

لماذا عاد السلطان أردوغان لحضن الإمارات واستقبل محمد بن زايد؟ لقاء أردوغان بمحمد بن زايد
 بعد طول قطيعة ومزايدة من طرف أردوغان، استقبل السلطان، كما يراه بعض البسطاء الذين لم يفهموا قواعد اللعب بعد، ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد بالمجمع الرئاسي لتوقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم في اجتماع على أعلى مستوى دام ساعات. ما رأي أنصار الأردوغانية في هذا؟ أليست هذه خطوة أخرى معاكسة للشعارات حول مساندة الربيع العربي ومواجهة قوى الثورة المضادة والانتصار لخيارات الشعوب؟ أين هي تلك المبادئ؟
الحقيقة أن المبادئ تبخرت مع الأزمة المالية الخانقة التي تعصف بتركيا بعد انهيار الليرة وحاجة أردوغان، السلطان الحالم بالعثمانية الجديدة، إلى الحفاظ على حظوظه الانتخابية في انتخابات رئاسية قادمة. ولذلك فهو في حاجة إلى حزمة إنقاذ لا يهم مصدرها كما لا يهمه رأي المطبلين لسياساته الشعبوية بشأنها. مباشرة بعد هذا الاستقبال تم الإعلان بأن الإمارات ستؤسس صندوقا بقيمة عشرة مليارات دولار لدعم الاستثمارات في تركيا. الغاية تبرر الوسيلة إذن، والميكيافيلية الحلال تجوز لأردوغان ولكنها حرام في حق غيره. حلال على أردوغان رفع رقم معاملاته مع إسرائيل، وإعادة فتح علاقاته مع مصر والسعودية، كما يحل له المساومة بالملف السوري ولعب ورقة داعش وطرد الإخوان من تركيا والتضييق على قنواتهم. كل هذه خطوات يتفهمها ويتقبلها ويدافع عنها أنصار أردوغان ويبررونها بما لا يقبله عقل ولكنهم، بالمقابل، ينكرون بعضها على غيره.
وكعادته، يلزم أردوغان تقديم دليل حسن السيرة، والكبش مرة أخرى هم الإخوان. والدور هذه المرة، بعد إخوان مصر، على إخوان اليمن لمغادرة تركيا، وقد بدأت خطوات التنزيل هذا الأسبوع. كل هذا يؤكد أن اللعب بالدين ومناصرة الثورات الشعبية مجرد ورقة سياسية للحفاظ على مصالح تركيا ولو على حساب دول وشعوب أخرى.
ما يحدث في المنطقة من مثل هذه التحولات يؤكد أن الدوام للأصلح وللأكثر حكمة واعتدالا، وأن الشعبوية داء قاتل لأنصارها قبل غيرهم. ولذلك على المخدوعين الاستيقاظ من حالة الوهم التي طالت أكثر من عقد واستيعاب حقيقة كل المشاريع التي تريد الهيمنة على المنطقة واستشعار الخطر عليها وفهم أن استقرار المنطقة يتطلب محورا واحدا قويا باعتداله وعدالة قضاياه كما يتطلب مزاوجة بين مصلحة الوطن ومصلحة المنطقة دون التفريط في أحدهما.
هنا تبرز قوة المغرب وحكمة ملك المغرب وصواب سياسات البلاد ونجاعة أساليب تنزيلها بما لا يضر مصالح المغرب والمغاربة وكذا بما يخدم مصالح شركاء المغرب وجيرانه.
حين تؤكد الوقائع هذه الحقيقة يرتاح أبو وائل ويتأكد أن هذا البوح ليس مجرد كلمات تكتب لتنشر نهاية كل أسبوع لأن منطلقها بالأساس لم يكن كذلك، ولأنها بالأساس مشروع لصبر الإنتماء بمعناه المتجدد الذي يجعل منا أمة مغربية نكتشف عراقتنا ونقط قوتنا التي إن وظفناها كما ينبغي ستكون عنصر قوة لنا في زمن لا مكان فيه للطارئين على العالم وفي زمن تحتاج فيه الأمم لإكسير الإنتماء لأنه أكبر حافز.
 
عن "شوف تيفي"