كل يوم ترتكب بالمغرب 3879 جريمة، وكل يوم يساق لمحاكم المملكة 5000 متهم في جرائم مختلفة (سرقة، تزوير، مخدرات، الاتجار بالبشر، الاعتداء، اغتصاب...إلخ).
ففي تقريره حول "حصيلة منجزات وزارة الداخلية لعام 2021" المقدم بالبرلمان، كشف عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية عن أرقام محاربة الجرائم والمخالفات خلال الأشهر الثمانية الماضية من سنة 2021، مبرزا أنها وصلت إلى 931.482 قضية.
الوزير اكتفى بالقول إن الوسط الحضري هو الذي سجل أعلى نسبة (85 في المائة)، مقارنة مع الوسط القروي، دون أن يفصل في من هي المدن التي تتربع على عرش الجريمة. لكن بالمقابل بين أن المحالين على العدالة بلغ 1.200.666 متهما خلال نفس الفترة.
اعتمادا على أرقام وزارة الداخلية يظهر أن معدل الإجرام لكل 100.000 نسمة يصل إلى 2738 جريمة. وهو رقم يبقى منخفضا بالمغرب مقارنة مع دول أخرى. ففي فرنسا مثلا يصل المعدل إلى 5349 جريمة لكل 100.000 نسمة، وفي ألمانيا يرتفع ليقارب 6686 جريمة. أما كندا فتسجل 9881 جريمة لكل 100.000( بالكيبك النسبة تنخفض إلى 7225).
أما إذا استحضرنا نوعية الجرائم الأكثر شيوعا، فنجد أن المغرب يتميز بجرائم الاعتداء على الممتلكات والأشخاص، بينما الولايات المتحدة الأمريكية تتميز بشيوع جرائم القتل، وفرنسا تعاني من وباء اغتصاب النساء والعنف ضد المرأة. أما بألمانيا فالجرائم الأكثر حدة هي جرائم البيدوفيليا وجرائم العنصرية المرتكبة من طرف أتباع اليمين المتطرف.
ورغم حرص الوزير لفتيت على وجوب التمييز بين انعدام الأمن والإحساس بانعدام الأمن، فإن الميزانية المقترحة لعام 2022، لا تحمل أجوبة شافية لمنح المواطن المزيد من الإحساس بالأمن.
فكل سنة يزحف نحو الوسط الحضري حوالي 450 ألف نسمة هاربة من القرى والبوادي، مما يمثل ضغطا على المدن وبالتالي يزيد من إنهاك المصالح الأمنية (أكانت شرطة أو درك أو قوات مساعدة)، المنهوكة أصلا بسبب قلة الموارد البشرية وضعف تغطية الأحياء بالكوميساريات ومراكز الدرك الكافية.
كما أن الوزير الوصي لم يقدم خريطة طريق بشأن تعميم الكاميرات بالمدن المغربية (بالشوارع والساحات ومحطات الطاكسيات والقطارات والأسواق وباقي الفضاءات العامة)، بالنظر إلى الأدوار المهمة التي تلعبها الكاميرات في تثبيت الأمن وتعقب المجرمين وتنظيم السير والجولان (للمقارنة: محطة القطار فيكتوريا بلندن تضم لوحدها 700 كاميرا مراقبة، بينما شوارع البيضاء ككل تتوفر بالكاد على 1200 كاميرا).
القانون المالي لسنة 2021، مازال لم يحسم بعد، وبالتالي أمام البرلمانيين والحكومة فرصة للتدارك للزيادة في الحصيص بمختلف القوات العمومية وتجهيز مدن المغرب بدوائر إضافية للشرطة او بمخافر الدرك بالمدن التي مازالت تحت نفوذ هذا الجهاز.
فنحن نريد ميزانية تترجم انشغالات المواطن وتوفر الإمكانيات البشرية واللوجيستيك، ولا نريد تنظيم"سيرك" في القادم من الأيام يتباكى فيه النواب والمستشارون بغرفتي البرلمان على انعدام الأمن !!