نوفل البعمري: الصحراء.. استفتاء تقرير المصير

نوفل البعمري: الصحراء.. استفتاء تقرير المصير نوفل البعمري
نظم المغرب استحقاقاته الانتخابية بتاريخ 8 شتنبر2021، التي جددت شريان دماء المؤسسات المنتخبة وطنيا، ومحليا وهي الاستحقاقات التي جرت في ظل تحديات كبيرة تتعلق أساسا بمنطقة الصحراء، بالأقاليم الصحراوية التي كانت محط أنظار ومتابعة دولية وإقليمية كبيرة نظرا للنزاع المفتعل بالمنطقة من طرف خصوم المغرب.
وكانت هذه الاستحقاقات مناسبة جديدة لتأكيد مدى حجم الترابط السياسي والمؤسساتي والوطني بين ساكنة هذه الاقاليم ونخبها المحلية وبين وطنهم المغرب ومؤسساتهم.
لقد شكلت هذه الاستحقاقات بالنسبة للساكنة الصحراوية المحلية مناسبة ليس فقط لانتخاب ممثلين عنهم لتسيير المؤسسات المحلية/الجهوية، وممثلين عنهم داخل المؤسسة التشريعية، بل أيضا مناسبة للتأكيد على انخراطها في المسلسل الديموقراطي ببلادنا، واندماجها في العملية السياسية ببلادنا، وعلى أنها تنتخب ممثلين عنها ليكونوا ناطقين باسمها داخل مختلف المؤسسات.
وقد كانت نسب المشاركة في هذه المناطق دلالة على حجم هذا الإنخراط السياسي و المؤسساتي إذ أنها سجلت أعلى نسبة وطنيا حيث سجلت نسبة مشاركة 58,30٪ في جهة الداخلة وادي الذهب و نسبة 68،65٪ في جهة "العيون الساقية الساقية الحمراء"، مقارنة هذه النسب بالتي جرت سنة 2016 فقد شهدت ارتفاعا ملحوظا حيث كانت أعلاها آنذاك 56٪ بحيث أن نسبة المشاركة ارتفعت بأكثر من نقطتين و هي دلالة سياسية على انخراط الساكنة المحلية في العملية الديموقراطية وفي المشروع الديموقراطي الذي اقترحه المغرب لحل هذا النزاع المفتعل في الصحراء.
إن انتخاب الساكنة الصحراوية المحلية لممثلين عنهم بالمؤسسات محلية سواء بالجماعات المحلية أو مجالس الجهات، ثم المؤسسة التشريعية، هو ليس انخراط في عملية سياسية شهدها المغرب بل هو أيضا دليل على كون الساكنة المحلية قد اختارت ممثلين عنها، وقررت مصيرها بشكل ديموقراطي سواء ترشيحا أو تصويتا من خلال هذه المشاركة الواسعة، المكثفة في هذه الاستحقاقات إذ لم تكن بالنسبة للساكنة فقط عملية انتخابية لاستكمال البناء المؤسساتي بل كانت مناسبة لتقديم تأكيدات واضحة للمنتظم الدولي على كون الساكنة الصحراوية المحلية هي منخرطة في العملية وحضورها أساسي ووازن فيها، واستطاعت أن تنتخب ممثلين عنها في مختلف المؤسسات ناطقين باسمها، ومُعبرين عن مصالحها السياسية والاجتماعية لتدبير المؤسسات المحلية، وكذلك ممثلين عنها في العملية السياسية التي سبق للأمم المتحدة أن أطلقتها و كان الوفد المغربي الرسمي الذي قاده وزير الخارجية المغربي في جنيف1،و جنيف2 يعرف مشاركة منتخبين محليين، مما يعني أن انتخاب الساكنة الصحراوية لمنتخبيها هو تزكية للمسار السياسي الذي انخرط فيه المغرب مع الأمم المتحدة وفقا للمقترح المغربي الذي قدمه للأمم المتحدة لطي هذا النزاع.
الانتخابات التي شهدتها المنطقة هي ليست فقط لتجديد النخب الصحراوية أو لاختيار الساكنة ممثلين عنها بمختلف المؤسسات، هي أيضا مناسبة للقول بأن ما حدث هو استفتاء لتقرير المصير، الساكنة المحلية قررت مصيرها ديموقراطيا و أعلنت عن انخراطها في المسار الديموقراطي ببلادنا، مؤكدة على تشبثها بالمؤسسات الوطنية المغربية في ظل المبادرة المغربية، و تسجيلها لأعلى نسبة للمشاركة في هذه الاستحقاقات هي رد على كل المزاعم التي ظل خصوم المغرب يحاولون تقديمها للتشكيك في الترابط الحاصل بين الساكنة المحلية و بلدهم المغرب ومؤسساته.
منذ أشهر أطلق المغرب عملية دبلوماسية كبيرة بالمنطقة تمثلت في افتتاح قنصليات و تمثيليات لبعثات أجنبية بالداخلة و العيون، هذه العملية الدبلوماسية أصبحت اليوم مدعومة و مسنودة بالعملية الديموقراطية وبالنتائج التي تحققت سواء على مستوى المشاركة أو على مستوى نسبة ممثلي الساكنة الصحراوية المحلية الأصلية التي وصلت ل 96٪ إذ باستقراء الأسماء التي فازت في هذه الاستحقاقات هي كلها من أبناء الساكنة الصحراوية الأصلية بذلك تنهي مع كل الجدل حول الساكنة المحلية و محاولات التشكيك فيها، إذ أثبتت أنها ليست فقط مُعبر عن الساكنة المحلية و لسان حالها بمختلف المؤسسات المنتخبة بل أيضا منخرطة في المشروع الديموقراطي و عنصر أساسي من العناصر المشكلة للاختيار الديموقراطي الذي أقرته بلادنا في دستور فاتح يوليوز، ورافعة لمبادرة الحكم الذاتي.
استحقاقات 8 شتنبر هي استفتاء قرر من خلاله الصحراويون والصحراويات مصيرهم بشكل ديموقراطي من خلال اختيارهم لمنتخبيهم بشكل حر، بذلك هم يقدمون ردا على كل محاولات التشويش التي جرت قبل هذه الاستحقاقات من طرف الخصوم، ويقدمون رسالة للأمم المتحدة على أنهم قد طووا هذا النزاع بإرادتهم الحرة، وما على الأمم المتحدة إلا أن تعلن عن الطي النهائي لهذا النزاع مادامت الساكنة قد حسمته لصالح الإختيار الديموقراطي بالمغرب.