عرف المغرب يوم 8 شتنبر2021 اقتراعا غير مسبوق جمع فيه مهندسو الانتخابات(3) استحقاقات دفعة واحدة: (جماعية، جهوية وتشريعية). بلغت أعلى نسبة مشاركة 35،50، وفور إعلان النتائج الجزئية والنزول المدوي للبيجيدي من 125 مقعد إلى 13 مقعد، بات مؤكدا أن التصويت عقابي لم يكن مفاجئا ولا من قابل الصدفة، بل ممنهجا مع سبق الإصرار والترصد من خلال ضربات موجعة ومتتالية: الخروج من التمثيلية النقابية، والغرف المهنية لتكون ضربة 8 شتنبر الضربة القاضية، مسبوقة بمئات التدوينات والتغريدات والمقالات والفيديوهات ومشاركتها والتفاعل معها والتعليق عليها في موجة عارمة من السخط والغضب الشعبي، وطرد رموز الحزب في حملاته الانتخابية من المدن والقرى بوابل من السب والشتم واللعن والتوعد في انتظار القصاص العادل أمام صناديق الاقتراع.
بدأ التباكي، ولأن الفاشل يبحث دائما عن المبررات: نتائج غير مفهومة؟ شراء الأصوات والذمم سرقة الصندوق، ضبطنا هذه السيارة بالمحاضر ولن نسكت، سيطرت أصحاب الشكارة على الانتخابات من البرلمان إلى الجماعات المحلية، الرشوة، الإعلام والسلطة، الكل اصبح متهما إلا اتهام الذات.
حتى في الديمقراطيات العريقة قد يحدث تزوير واستغلال المال والنفوذ، لكنها تبقى حالات شاذة ومعزولة وتشكل الاستثناء لا القاعدة. ثم إن هناك تنويه بسير الانتخابات وفرز الأصوات من قبل مراقبين وملاحظين دوليين. أبهر الكثير من المتتبعين سياسيين وإعلاميين وصفوا هذه المحطة الانتخابية بالعرس الديمقراطي.
في تحليلي للهزيمة لا أرى أي ربط للهزيمة بالخارج أي العوامل الإقليمية والقضاء على الإسلام السياسي وإسقاط الاصولية الدينية: (الإخوان بمصر، النهضة بتونس، والعدالة والتنمية بالمغرب). أو التطبيع مع الكيان الصهيوني من حزب ذو مرجعية إسلامية. تفسيرات تتلاشى أمام الأسباب المباشرة التي تعود إلى البيت الداخلي و أخطاء الحزب الكارثية:
- رحيل عدد من أطر الحزب وكفاءاته الترحال السياسي أو تطليق الحياة السياسية بالثلاثة قبل حلول العاصفة التي امنوا أنها آتية لا ريب فيها .
- الخرجات الإعلامية: السب الشتم والتهديد.
- الدفاع عن الحصيلة وأية حصيلة؟ استفزاز واضح المشاعر.
- تصريحات ضد فئات مجتمعية: أساتذة صحافيين فنانين...
- تمرير قرارات خطيرة: التقاعد التعاقد رفع الدعم عن المواد الاساسية...
- ضرب الحقوق والمكتسبات.
- التناقض بين الشعارات والممارسة: لم ينل الحزب ثقة المغاربة إلا بالوعود المعسولة محاربة الفساد والمفسدين فأسس شعبيته على الهوية الدينية لا الوطنية تحت أكثر من اطروحة: الطهارة، النقاء، الصدق، النزاهة ونظافة اليد ما جعل المغاربة يهرعون الى مكاتب التصويت فكانت النتيجة مذهلة منحتهم تسيير الحكومة والمجالس الجهوية والجماعية من طنجة العالية إلى بوذنيب المنسية...
صحيح لم نسمع أن يد أحدهم امتدت للسرقة (نظافة اليد) ولكن تراكم التعويضات والامتيازات والمناصب والمعاشات المضاعفة والإعفاء من الضرائب والاستفادة من السكن الوظيفي والماء والكهرباء والهاتف والانترنت والسفريات بين العمرة والنزهة" الحج وفاطمة" سرقة بقفازات ناعمة عندها أدرك الشعب أن كل الشعارات تهاوت كأوراق الخريف عند من بات همهم استبدال السيارات والزوجات كاستبدال احذيتهم مقابل فرض سياسة جبائية وبطالة وقهر واحتقان اجتماعي ...
على سبيل التركيب: هذه الاخفاقات -لولا علاقة المريدين بالشيخ والقاسم الانتخابي- لكانت أشد فظاعة لكنها مع ذلك مكنت الحمامة من التحليق عاليا في كل سماء المغرب مدنه وقراه، وفرصة تاريخية للتغيير وإطفاء حرائق البيجيدي وإصلاح المركبة المتوقفة لخدمة شعب يستحق أن يعيش حرا كريما وينعم بالرفاه والعدالة الحقيقة والتنمية المستدامة...