ربيع جواد: رفض الاندماج القسري مع فيدرالية اليسار ليس تنصلا من الخيار النضالي الوحدوي

ربيع جواد: رفض الاندماج القسري مع فيدرالية اليسار ليس تنصلا من الخيار النضالي الوحدوي ربيع جواد

إن الدلالات الكبرى للاستقلالية التنظيمية للشبيبة "حركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية" عن الحزب، تتعلق بتبني نفس تنظيمي ديمقراطي شامل، ينطلق أولا من رؤية واختيار واعي اتجاه الشباب، كقوى مسؤولة وقادرة على المساهمة في بناء الاختيارات السياسية الكبرى للحزب، في احترام تام لأجهزته ومؤسساته، فالأمر يفترض واقع مؤسساتي نحس بالانتماء إليه جميعا ونحدد أنفسنا كفاعلين من داخله، عبر جعل القطاعات والهياكل الموازية تفكر وفق مسافة ضرورية عن السياق الحزبي، خصوصا أن الأمر يتعلق بتنظيم سياسي اشتراكي، حيث "ليس ثمة إلا آراء وتقديرات" تضفي عليها الأجهزة قوتها المؤسساتية والملزمة، لذلك كان من الضروري أن يخوض الحزب تمرينا ديمقراطيا شاقا وضروريا، يتعلق بمأسسة التيارات وبناء القرار الحزبي على قاعدة المساهمة الجماعية، فحتى الاعتراضات الممكنة لا يمكن اعتبارها سوى "مساهمات" تقف وراء حركة الحزب وإشعاعه، لكن هذه الاختيارات لم تكن يوما " ياضات" ينسل لها القراصنة لتدبير حسابات حزبية ضيقة عبر رياضيات غير كونية، لا تؤمن بالتناسق أو حتى بتلك القوى المتعاكسة التي تحدث عنها هيراقليطس، والتي يجعل تناسبها وتر القوس مشدودا، لأن المطلوب بالنسبة لبعض رفاقنا هو التأكيد على أنه فوق أرض الديمقراطية لن تكون أقدامنا ثابتة .

 

مازلنا مصرين على أن المطلب الديمقراطي ملح وحاسم وواعون كذلك بالاقتضاء السابق على هذا المطلب والذي يتعلق ببناء "ذهنية ديمقراطية" قادرة على تمثل الفعل الديمقراطي بعيدا عن ثقافة الشعار واللافتات الكبيرة التي فقدت مصداقيتها داخل "عالم الوقائع"، كأن يتحدث بعض رفاقنا عن "الاستقلالية" و"القرار الشبيبي"، وهم لا يشكلون سوى احتياطي تنظيمي لآباء صارمين يدفعونهم نحو ملاحقة السحب وقد يتخذ الأمر شكل عقد ندوة صحفية لإطالة أمد محاولة يائسة لتهريب الشبيبة .

 

تحدث رفاقنا عن القانوني والسياسي ولوحوا بكل العناوين القلقة، التي روج لها الصف الانشقاقي من رفاقنا الباحثين عن أصدقاء جدد في نادي الحزبية، جاعلين منها معركة رأي عام، دون تقديم أي معطيات تأسيسية لأي جواب سياسي أو قانوني، ويمكنني أن أحدد مختلف ملاحظاتي فيما يلي :

 

1- تبرير القرار غير القانوني الداعي لفك الارتباط السياسي بالحزب الاشتراكي الموحد على أساس أن وراءه موقف متعلق بما يرون أنه "أزمة اختيارات" قررت بشأنها الأجهزة الحزبية، فالاستمرار في تحالف فيدرالية اليسار من عدمه، قررت بشأنه مؤسسات الحزب وأكدته القواعد وجملة ما جاء في خلاصات اجتماع المكتب السياسي مع كتاب الفروع، حيث أن التحفظ على القرار تفترض القواعد الديمقراطية مناقشته داخل البنية المؤسساتية للحزب أما الانقلاب على هذه القرارات وتقييمها خارج نطاق الحزب أو اتخاذ موقف تخريبي اتجاهه، لا يمكننا فهمها إلا كتوجه انشقاقي ولذلك نرى أن رفاقنا لا يملكون أي خلافات مبدئية مع الحزب وبأنهم يعيشون "أزمة موقف" بين التسليم بالديمقراطية ومعاداتها .

 

2- قرار إنهاء التحالف من فيدرالية اليسار، ليس قرارا" انفراديا"، بل كان تقدير عدد من الرفاق بأنه واقع آت، حتى أن هناك عدد من رفاقنا الذين عارضوا منذ البدء هذا التحالف واعتبروه "فوقيا" وليس نتيجة لتداخل قاعدي بين المناضلين أو ركن لأي نضال وحدوي وسجلوا ملاحظاتهم بخصوص تعامل الحلفاء مع العملية الانتخابية (رفاق ورفيقات أرضية التغيير الديمقراطي نموذجا) دون أن يتجه هؤلاء الرفاق نحو أي خيار هجومي أو عدائي اتجاه مؤسسات الحزب وتوجهها العام، محتفظين لأنفسهم بالحق في التقييم النقدي وفتح نقاش من داخل الحزب، كما نقف أيضا على "أزمة فهم"، فرفض الاندماج القسري ليس تنصلا من الخيار النضالي الوحدوي وسنواصل التحريض على الوحدة مع كل الديمقراطيين وحين تكون "اختيارنا المشترك" الذي لا تقودنا نحوه "هيغيلية التهامية".

 

 

3- ارتباط رفاقنا في مواقفهم بفاعلين شخصيين، يدفعهم نحو تحليل الوقائع انطلاقا من "الشخصنة" وحصر المواقف في دائرة ضيقة، فالاعتقاد بأن معركتهم الهوائية اليوم مع نبيلة منيب، افتراء واضح، ما دامت الرفيقة تتحرك بدعم كامل من القواعد ومن المناضلين والمناضلات بمختلف الفروع و بدعم من المكتب السياسي وأغلبية المجلس الوطني وبمختلف تيارات الحزب وتوجهاته، لذلك عليهم القول صراحة أنهم في مواجهة مع الحزب الاشتراكي الموحد ومن أجل حله وهم الذين اعتبروا إلى أمد قريب أنه استنفذ إمكاناته التاريخية .

 

4-" الشبيبة" أو موقف الشباب من الاختيارات السياسية والتنظيمية للحزب لا يمكن اختزالها بشكل تعسفي في "أقلية" من رفاقنا الذين عبروا منذ انتخابهم على مستوى بعض أجهزة الشبيبة على أنهم "جناح سياسي" داخل الشبيبة، وكان يتداول على نطاق واسع بأنهم مرشحو طرف سياسي محدد ومساهمتهم كانت فارقة دوما في تشكيل هذا الواقع المنقسم (نقض أطروحة الوحدة)، أي أنهم نتاج ارتباطات أبوية مستمدة من السياق الحزبي وتوازناته والجواب على اختلال موقفهم تقدمه الفروع ومختلف المناضلين والمناضلات .

 

5- يقدم رفاقنا أنفسهم، على أساس أنهم يشاغبون "تحكمية" الرفيقة الأمينة العامة نبيلة منيب، لكنهم لا يرفضون "التحكمية" من ناحية المبدأ، فإلى عهد قريب تم حل عدد من الفروع "المشاكسة" (فرع حشدت بمراكش نموذجا) التي لم تقبل بمهادنة "الديمقراطيات المتنكرة" وتم تجميد عضوية عدد من الرفاق دون أي سند قانوني وتنظيمي، لمجرد تمسكهم باختيارات مبدئية رافضة لجعل الشبيبة جيبا لأحد.

 

 

6- لنتساءل من حيث الجوهر القانوني: ما الذي منع رفاقنا من البحث في أقوى صيغة قانونية "المؤتمر الاستثنائي" ما دام القرار شاملا ومصيريا على هذا النحو؟ لماذا يخشى ديمقراطيونا الأعزاء إشراك الفروع والقواعد وشباب حشدت في اتخاذ هذا القرار ويجرونه إلى حيز ضيق يفقد معه شرعيته القانونية والتنظيمية ويعكس طبيعته الفعلية، أي كرد فعل انطباعي على قوة القرار الحزبي والمؤسساتي، الذي أعاد التمييز بدقة بين "اختياراتنا" و"أقدارنا"، فالأمر الذي لا رجعة فيه بالنسبة لنا هو انحيازنا الدائم لقضايا شعبنا العادلة عبر إحداثيات يسارية دقيقة .

 

هناك مصوغات قانونية أساسية يحددها القانون الداخلي للشبيبة ووثائقها الموضوعاتية (المنظور السياسي، الهوية، المرجعية..) ووثائق الندوة الوطنية التأسيسية 6-7- 8 شتنبر 1985، لذلك ينبغي التأكيد على أن رفاقنا يحاولون تهريب شبيبة الحزب الاشتراكي الموحد، إلى وسط ستلقى بلغة الفيزياء "مقاومة" من طرفه، لأنها ليست نتاج بيئته ولم تنشأ داخله ولكونها جزء من تاريخية الحزب الاشتراكي الموحد .

 

لنتذكر معا؛ من ينتمي لنفسه فقط، لا يمكنه أن يتوحد مع أحد، المبدأ راسخ وأزلي وصلب، أما "المصلحة" فوضعها أرسطو على حدود متحركة وظرفية وتحت سلطة قوة عظيمة تسمى: الزمن.

 

قد نكون حزبا صغيرا بمعايير "التعمير الحزبي"، تقف إلى جانبه شبيبة من الحالمين والحالمات، لكننا ندافع عن أمل ممكن وضروري ولسنا مستعدين للتفريط في روابط الثقة مع عموم أبناء وبنات شعبنا ولأن "اليسار" كان كبيرا دوما بمواقفه وتحيزاته الصريحة وانزياحه عن التذبذب، لذلك لن نعاني أبدا من هوس "الضآلة".

 

ربيع جواد، عضو حركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية بمراكش