لم تحشر الهيئات الحقوقية والحكومات الأوربية والأمم المتحدة أنفها في "القضية الداخلية" لاسبانيا ، كما لم تتحمس تلك الهيئات لإرسال مراقبين أو مفتشين أو مبعوثين للتحقيق في أشكال وأساليب العنف التي مارسها جهاز الأمن الإسباني في حق المحتجين والمشاركين في الاستفتاء يوم الأحد 1 أكتوبر. بل اكتفى المفوض السامي لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين بتكرار الدعوة التي وجهها الأمين العام للأمم المتحدة ، أنطونيو غوتيريش ،إلى حكومة مدريد، بطلب إجراء تحقيق شامل ومستقل ونزيه في أعمال العنف التي مارستها قوات الأمن بحق مواطني كتالونيا . حين كان الأمر يتعلق بالمغرب ، كانت بعثات صحفية وحقوقية وحزبية وحكومية من معظم الدول الأوربية تتكالب على المغرب بحثا عن معطى أو دليل يدين "الممارسات القمعية" و"الخروقات السافرة" لحقوق الإنسان ؛ بينما سكت كل دعاة حق "الشعب الصحراوي" في تقرير مصيره وخفت نعيقهم إزاء "شعب كتالونيا"، كما أغمضت عيونهم عن "الخروقات السافرة" لحقوق الإنسان الكتالوني . على هذه الهيئات والحكومات أن تدرك أن حق الشعوب واحد ، وأن حق الدول في الحفاظ والدفاع عن وحدتها الترابية حق "كوني" لا يتجزأ . لكن ما يمكن التحذير منه هو أن يعطي هذا الانحياز الأوربي والحقوقي لفائدة إسبانيا ، رغم أشكال العنف التي طبعت التدخل الأمني ضد الكتالونيين ، الضوء الأخضر لحكومة المغرب للتمادي في تعنيف المحتجين والمطالبين بالحق في العيش الكريم تحت مبرر مواجهة "الانفصال" والحق في حماية وحدة التراب المغربي . فالقضايا التي يحتج من أجلها المغاربة في منطقة الريف تتعلق بالعيش الكريم وتوفير الخدمات الصحية والاجتماعية وفتح فرص الشغل .وهذه المطالب هي من صميم مسئوليات الحكومة والدولة .