كثيرا ما يناقش قضية العاملات أو العمال المنزليين من جانب واحد ضيق وهو منع الأطفال من العمل، وذلك اعتمادا على تحديد سن العمل دون التطرق إليها من جانبها الاجتماعي والإنساني، وخاصة حقوق الطفل.
غالبا ما تكون الطفلة التي تشتغل بالمنزل قاصرة، وعندما نقول بأنها قاصرة فإن القصور بمفهومه الواسع هو: أن نظرتها قاصرة في كل شيء انطلاقا من تدبير الشؤون المنزلية والتربية والتعليم وغيره، وأن الخطأ الجسيم هو إعطاء هذه القاصرة حق التصرف في المنزل وما فيه وبمن فيه، وقد يكون صاحب المنزل له منصب عال هو وزوجته، وفي هذه الحالة تكون الطفلة هي المسيرة والمدبرة في كل شيء، انطلاقا من نظافة المنزل والطبخ وغيره، وقد يكون للزوجين، ولد أو بنت أو أكثر، لتصبح بين عشية وضحاها مربية.. فكيف يمكن لهذه الطفلة أن تكون مربية، وهي لم تتلق أي تكوين، سواء في مجال التربية أو التعليم أو غيره.. وبالتالي نطلب من الطفلة ما لا تستطيع. وهنا يكمن الخلل لأن فاقد الشيء لا يعطيه: فكيف نطلب من هذه الخادمة تسيير المنزل وهي في حاجة إلى رعاية وحنان وإلى من يقوم بتربيتها، وقد تقوم بخطأ بسيط أو جسيم دون أن تعلم بعد هذا الخطأ، وذلك فيما يخص تربية الأطفال أو غيرها من الشؤون المنزلية.. وفي هذه الحالة تقوم المشغلة أو المشغل بتعنيف الخادمة وسبها بشتى أنواع السب والاهانة والضرب، وقد يصل العنف والضرب إلى إحداث عاهة مستديمة أو القتل.. وقد شهدت المحاكم مثل هذه الحالات الشيء الذي يؤثر سلبا على حياة الخادمة، بل على حياة من في المنزل، وذلك لسوء فهم احتياجات الخادمة التي تصبح ضحية تصرف أبيها أو أمها بسبب الحاجة من جهة وضحية من يقومون بتكليفها بتدبير الشؤون المنزلية.
فالمشكلة ليست في محاربة تشغيل الأطفال، بل المشكلة في عدم العناية والرعاية وإيجاد حل لها، لأنه مهما بلغت الخادمة من خطأ، فهي عديمة الادراك والتمييز (الخادمة فوق طاقتها لا تلام).. الخادمة ليست محرومة من العطف والحنان فقط، بل هي محرومة من حقها في التعليم والتربية والتكوين، لأن الطفولة هي النواة الأساسية للمجتمع إذا صلحت النواة صلح المجتمع وإذا فسدت فسد المجتمع.
بالرجوع إلى الفصل 32 من الدستور نجده ينص على ما يلي: الأسرة القائمة على علاقة الزواج الشرعي هي الخلية الأساسية للمجتمع.
تعمل الدولة على ضمان الحماية الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية للأسرة بمقتضى القانون بما يضمن وحدتها واستقرارها والمحافظة عليها تسعى الدولة لتوفير الحماية القانونية والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال بكيفية متساوية بصرف النظر عن وضعيتهم العائلية.
التعليم الأساسي حق للطفل وواجب على الأسرة والدولة.
يحدث مجلس استشاري للأسرة والطفولة .
وبالرجوع إلى الظهير الشريف رقم 1.16.121 الصادر في 6 ذي القعدة 1437 موافق 10 غشت 2016 بتنفيذ القانون رقم 19.12 بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعاملات والعمال المنزليين، نجده لم يأت بأي جديد إلا من باب الأماني. على سبيل المثال نص في المادة 3 من مدونة الشغل بأن تشغيل العاملة او العامل المنزلي بمقتضى، عقد عمل محدد أو غير محدد المدة يعده المشغل وفق نموذج يحدد بنص تنظيمي ويوقع هذا العقد من قبل المشغل والعاملة أو العامل المنزلي.
وحيث أن هذا النموذج المذكور غير محدد مدة تطبيقه وبالتالي فإن انتظار هذا النص التنظيمي يبقى إلى ما لا نهاية... بالإضافة إلى عدم وجود حد أدنى للأجر محترما أمام العمل الذي تقوم به الخادمة دون توقف، وعليه يجب أن يخضع العاملات والعمال المنزليون لبرامج التربية والتكوين بمعهد مهني وتربوي تشرف عليه هيئة متخصصة في التربية والتكوين ولجنة تضم أعضاء من وزارة الصحة ووازرة التربية والتكوين بمعهد مهني وتربوي، وذلك قبل البدء في الاشتغال المنزلي .
الثقافة مرآة المجتمع:جاء شخص يسأل عن سيبويه فأجابته الخادمة بما يلي: فاء للفيافي ليفيئ فيئا فإذا فاء الفيء فاء.