لا يخفى على أحد ما فعله الحزب الأغلبي بالمغاربة منذ انتكاسة 2011 وإجهازه على كل آمال المغاربة في بناء علاقة جديدة مع الدولة، تحفظ كرامتهم وتعزز الثقة بين الطرفين في إطار دولة الحق والقانون، وبالتالي بناء تصور جديد ينتصر لمصلحة الوطن والمواطن.
ضاع عقد من الزمن التنموي أو لنقل أضعناه، نحن الذين بين ظهرانينا مواطنون يسبحون ولا يفترون بما حققه الحزب المعلوم، وهو الذي لم يحقق غير الحظوة لأبناء قبيلته السياسية الذين تغلغلوا في دواليب الدولة والمؤسسات، واغترفوا الريع حد التخمة بكل أشكاله رافعين شعار "المغرب لنا لا لغيرنا"، وأداروا الظهر لبسطاء الوطن الذين أوصلوهم إلى المناصب.
سنركز في هذا المقام على "النقابة الذاهية" للحلوطيين القنادل، والتي استماتت في نحر الموظفين وتفننت في ذلك، جريا على عادة وسنّة حزبها الذي ارتكب فظاعات في حق المغاربة البسطاء بسياساته اللاجتماعية واللاشعبية، تلك النقابة التي كان وقوعها مدويا في انتخاب ممثلي الموظفين في اللجان المتساوية الأعضاء ليوم 16 يونيو المجيد. لقد انتهت إذا خرافة الخط التصاعدي الكاذب والغرور المرضي وألقي بالنقابة المتأسلمة في الدرك الأسفل، بعدما تبين الخيط الأبيض من الأسود لكثير من الموظفين المغرر بهم في وقت سابق.
المثير في هذه الاستحقاقات أن البيجيديين لم يتراجعوا فحسب، بل ضاعت منهم العتبة، وبالتالي غادروا مربع العمليات، وما جزاء الاحسان إلا الاحسان. كان الحلوطيون البيجيديون في عز الأزمة ينتصرون لأهلهم وعشيرتهم إعمالا بسخافة المثل الشعبي "خيرنا ما يدّيه غيرنا" ، مستأسدين في ذلك بأشرافهم ونبلائهم من علية القوم، ضدا على الممارسة النقابية النظيفة والمسؤولة، ولكن انتهى كل شيء اليوم، وقدر الله وما شاء فعل.
في قطاع التربية والتكوين الذي ننتمي إليه، ومنذ تنصيب السيد سعيد أمزازي على رأس وزارة التربية الوطنية، ضاق الخناق على "الإخوان"، وبدأت جدران النقابة الحلوطية البيجيدية تتصدع وتتشقق يوما بعد يوم بعدما حاصر تغوّلها، وبدأت منابع الفساد التي -كانت ترتوي منها- تجفّ تباعا، فقد فطن الوزير إلى ممارسات هؤلاء فوقف سدا منيعا أمام "غزواتهم" المقدسة ليعلنوا شق عصا الطاعة ومجابهة كل المشاريع التربوية الطموحة بغير قليل من الرفض المجاني والتأويل المغرض وتجييش "كتائب المداويخ".
استمات الحلوطيون البيجيديون في معارضة كل المشاريع التي دشنها وزير التربية الوطنية، فلم يتوانوا يوما في اختلاق العقبات وافتعال الأزمات وانتقاد الخطوات وتجميد الملفات، وقف الحلوطيون البيجيديون بكل ما أوتوا من قوة ضد كل المبادرات لأنهم لا يهتمون بمصلحة الشغيلة بقدر اهتمامهم بتغليف كل الانجازات بورقهم الصحي، وكل إصلاح لا يحمل بصمتهم لا يجب أن يرى النور، معتقدين أنهم "المخلّص الموعود" للمغاربة عموما وللشغيلة التعليمية بالخصوص.
ما يجب أن يعرفه المغاربة أن الحلوطيين البيجيديين كانوا وراء الاخفاقات والاختلالات، وهم من وقف ضد كل القرارات التي تصب في مصلحة الشغيلة وانفراج الأوضاع الإدارية والاجتماعية لها، أن الحلوطيين لم يدخروا جهدا في محاربة كل المبادرات والإصلاحات، شيطنوا وسخروا وناوروا، عبؤوا وجيشوا ليوهموا المغاربة أن وزير التربية الوطنية هو من عطّل الحلول التي ينتظرها رجال التربية والتكوين أو عجز عن بلورتها، سخّروا وزراء ومستشاريهم، برلمانيين من نواب ومستشارين ونقابيين لإجهاض مبادرات الإصلاح والتسوية، ولكن العبرة بالخواتم، ها هي الشغيلة المغربية تنزلهم المنزلة التي تليق بهم، ألا وهي الإلقاء بهم خارج دائرة التمثيلية وصناعة القرار النقابي.
إنها رسالة واضحة إلى حكومة القناديل والاستحقاقات الانتخابية على الأبواب، مفادها أن المغاربة قد فهموا من يقف أمام آمالهم ومن يجهز عليهم دون استحياء، رسالة مفادها أن الانتخابات القادمة ستكون آخر مسمار سيدق في نعش إسمه تجربة القناديل التي اكتوى بنارها كل المغاربة.
على سبيل الختم، يظل مسار السيد الوزير أمزازي المهني متميزا بالجد والمثابرة والعمل الدؤوب رغم ما رافقه من عويل وصخب وضجيج وتشويش من قبل الحلوطيين والدحمانيين البيجيديين، بينما المغاربة الوطنيون يقولون للسيد الوزير "اعمل بجد في صمت، ودع النجاح يحدث الضجيج:
« Work hard in silence, let success make the noise »