لحسن بازغ: لماذا الإصرار على نفي الأسماء الأمازيغية من البيت المغربي؟إ

لحسن بازغ: لماذا الإصرار على نفي الأسماء الأمازيغية من البيت المغربي؟إ

لماذا الإصرار على نفي الأسماء الأمازيغية من البيت المغربي؟ اسم "سيليا" بجماعة بوتالمين الراشدية نموذجا. مازال العديد من الآباء والأمهات بالمغرب وبالقنصليات المغربية يخوضون معركة قاسية، من أجل الاعتراف لهم بحقهم الكامل في تسمية أبنائهم بالأسماء الأمازيغية، وبالأسماء التي تروق لهم! ويجدونها رموزا أو تيمنا بأسماء أجدادهم.

رغم التصريح الحكومي بداية سنة 2012، الذي التزم فيه رئيس الحكومة باحترام اختيار تسجيل الأبناء بأسماء أمازيغية، والعمل على تنفيذ مذكرة وزير الداخلية الصادرة تحت رقم 3220 بتاريخ 9 أبريل 2010، التي تعيد الاعتبار للأسماء المغربية الأمازيغية، حيث نفاجأ هذه الأيام بمنع اسم "سيليا" ابن الأستاذ مصطفى وركاكة بجماعة بوتالمين الراشدية.

فمسالة اعتقال ومنع العديد من الأسماء الامازيغية، سكتت عنها عدة أحزاب سياسية وفعاليات ووسائل الإعلام ببلادنا مند صدور مذكرة وزارة الداخلية سنة 1995 في عهد إدريس البصري، والموجهة لضباط الحالة المدنية، تحدد الأسماء التي يتعين تسجيلها في كنانيش الحالة المدنية، وحيث أقصت وهمشت الأسماء الامازيغية.. هذه المذكرة لقيت معارضة قوية من لدن الجمعيات الأمازيغية، التي تعتبرها ترسانة عنصرية تكرس الإبادة الهوياتية التي يتعرض المغاربة الأمازيغيون.

وقد توالى مسلسل المنع مند عهد البصري إلى اليوم، حيث احتدم الصراع بين ضباط الحالة المدنية والمواطنين، الذين يصرون على عدم تدخل المخزن في شانهم العائلي! إلى درجة وصول عدة دعاوى للمحاكم بت فيها إما بالقبول والرفض. وكان أول ضحايا المذكرة المذكورة هو أماسين أوبلا المزداد بطاطا يوم 28 مارس 1997 والذي لم يسجل في الحالة المدنية إلا بعد عناء الأب الشاعر إبراهيم أوبلا وسعيه بين مكتب الحالة المدنية والمحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف طيلة خمس سنوات .

وتبعته حالات أخرى كثيرة، نذكر منها على سبيل المثال: حالة إيدير ابن عبد الله الباهي الذي رفض مسؤولو المقاطعة 21 التابعة للجماعة الحضرية الفداء بالبيضاء تسجيله، تم سيفاو بالحي المحمدي، وكذلك أنير بهوش بأهل الغلام بالبر نوصي، واليوم "سيليا".

إلا أن ما يثير الاستغراب هو أن أسماء تقبل في مناطق من المغرب، في حين ترفض في مناطق أخرى، ونذكر هنا حالة نوميديا التي سجلت في الرباط بمكتب الحالة المدنية بأكدال، بينما رفض نفس الاسم بالحسيمة. وهنا تستوقفنا العديد من علامات الاستفهام، ما هو السبب في استمرار هذا المنع في ظل الحكومة الحالية وعز المعهد الملكي للثقافة الامازيغية؟ مع العلم أن هناك حالتين أخريين منعتا في شهر مارس الأخير، لاسيما أن المغرب سبق له أن وقع على اتفاقية حقوق الطفل التي تنص في مادتها الثانية على ما يلي: تحترم الدول الأطراف الحقوق الموضحة في هده الاتفاقية وتضمنها لكل طفل يخضع لولايتها دون أي نوع من أنواع التمييز بغض النظر عن عنصر الطفل آو والديه أو الوصي القانوني عليه أو لونهم أو جنسهم أو لغتهم.. وكذا توصيات اللجنة الاممية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المترتبة عن دورتها 55 المنعقدة في الفترة من 9 إلى 13مارس 2015 بجنيف.

أما المادة السابعة من نفس مذكرة حقوق الطفل فتذكر، يسجل الطفل بعد ولادته فورا ويكون له الحق منذ ولادته في الاسم والحق في اكتساب الجنسية... هذه الظاهرة أثارت الرأي العام الوطني والدولي، إذ تضمنتها تقارير وزارة الخارجية الأمريكية السنوية، لأوضاع حقوق الإنسان في العالم، وأشارت إلى منع الأسماء الامازيغية في المغرب.. كما سبق أن أصدرت الجمعيات الأمازيغية والهيئات الحقوقية، بيانات طالبت فيها اللجنة العليا للحالة المدنية بالتراجع عن منع المواطنين من حقهم في اختيار أسماء أبنائهم تماشيا مع ما تنص عليه مبادئ حقوق الإنسان.وحل اللجنة العليا للحالة المدنية وإلغاء كافة القرارات السلبية الصادرة عنها عبر رفع الحظر العملي عن الأسماء الأمازيغية .

وبرجوعنا إلى اللائحة الأولى الصادرة عن مذكرة وزارة الداخلية، نجدها تشير إلى أن جميع أسماء المواليد الجدد يجب أن تكون من أصل عربي ومغربي أو إسلامي، كي يتم قبولها في السجلات الرسمية لوزارة الداخلية. وعززت ذلك بلوائح وزعت على ضباط الحالة المدنية، تحمل أسماء اعتبرت لوحدها متمتعة بالشرعية. وما اعتبرته الحركة الأمازيغية مخالفا بشكل صريح للقانون المنظم لاختيار الأسماء. ففي الفصل السادس من ظهير مارس 1950 نجد ما يلي: يختار طالب التسجيل في الحالة المدنية اسما مطابقا، أي أن لا يكون الاسم المختار كنية واسما مثيرا للسخرية… أو ماسا بالأخلاق، أو الأمن العمومي أو اسما أجنبيا، أو اسما لا يكتسي صبغة مغربية، وهي كلها موانع لا ينطبق أي منها على الأسماء الأمازيغية، التي غيبت بشكل كامل من اللائحة المذكورة.

وتطالب الجمعيات الإلغاء النهائي لهذا المنشور الجائر، في حق الأمازيغية، والذي صدر في عهد الحكومات السابقة واحتفظت به الحالية، مع تطبيق كافة المذكرات والتوصيات الصادرة لحد الآن.