لو كان ابن خلدون بيننا اليوم، وشاهد كيف أصبحت أزقة وشوارع مدننا الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، فضاءات مفتوحة ومعارض مكشوفة لبيع كل أنواع السلع والخدمات ورأى كيف تحول ما ندعوه بالقطاع غير المهيكل، بعد أن توسع وتضخم، إلى ملاذ للجميع، عاطلين أضناهم البحث عن الشغل المهيكل، وزبناء مستهلكين من الطبقات الفقيرة وحتى المتوسطة، أرهقتهم الأسعار المهيكلة (وغير المراقبة) للقطاع الذي ندعوه مهيكلا.
لو رأى وشاهد ذلك أخاله، وهو صاحب النظرة السوسيولوجيّة الفاحصة والدقيقة، والمعالجة الاقتصادية الرصينة، والتعبيرات المكثفة والموحية، أخاله كان سيضيف إلى فصول مقدمته الشهيرة فصلا آخر، أتصور أن يكون عنوانه: فصل في أن معاش الناس قد يصبح على أرصفة شوارعهم وأزقتهم".