أحمد بومعيز: المغاربة وشأن التأشيرة...

أحمد بومعيز: المغاربة وشأن التأشيرة...

وكان الحلم سفرا أو هجرة... والحلم ليس مغربيا، أو مغاربيا فقط، بل هو حلم العديد من مواطني أو رعايا الكثير من الدول التي ضاقت بها أوطانها الأصلية، من أفريقيا إلى آسيا إلى أميركا الجنوبية... الكل يشتهي الوصول إلى أوروبا أو إلى الولايات المتحدة، وفي السنوات الأخيرة صارت بعض دول الخليج وجهة ومبتغى للكثير من الباحثين عن شغل  ما لتأمين عيش ما وإن لم يكن رغيدا....

.. وحتى أن مغنيا شعبيا  مغربيا تغنى "بالفيزا والباسبور.. من كازا لمارساي.."

حلم السفر مشروع بحكم حرية التنقل.. وحلم الهجرة مشروع بحكم الحاجة إلى الاستمرار في الحياة. هكذا علمتنا حكاية المهاجرين سرا وعلنا... من مسافر يحمل النزوات والأموال والرغبات... يحققها أو يبدرها أو بعبث بها في بلدان الاستقبال، إلى مهاجر يبحث عن رغيف من شغل شاق في بلدان تشترط شروطا للاستقبال... إلى منفي يبحث عن نسمة حرية...

والوطن يصير شبه ذكرى لمجاز آخر يدعى الانتماء...

وإلغاء التأشيرة يضحى مطلبا شعبيا وليس نخبويا، فللنخب ما شاءوا من تأشيرات..

والمهاجر قهرا، والمسافر بدخا، لا يلتقيان في  سر الحكاية...

 التقديم والتوطئة لا تسعفني، فشأن الهجرة يستعصي، ولا أدعي محاصرته في مقال. لكن بعض الاستفزاز قد يجعل من التفاعل أمرا واجبا..

... وأثارني، وأنا أتتبع بعض الأحداث والعلاقات والتداعيات، أثارني شأن تأشيرة دولة قطر على المغاربة، وللتأشيرة علاقة مباشرة مع السفر والهجرة والسياسة... فبعد أن ألغت مؤخرا دولة قطر التأشيرة على المسافرين إلى قطر من دول لم يكن المغرب بينها، حاول العديد من المتتبعين تسييس الموقف، حد أن بعضهم قارب الوضع بالمقايضة بين موقفين، موقف المغرب من أزمة دول مجلس التعاون الخليجي وحياده، وموقف قطر من إلزام التأشيرة على المغاربة... ولا مجال للحسم في الموقفين. لكن بعدها، بشر رئيس مجلس النواب بالمغرب بإلغاء التأشيرة على المغاربة في إطار زيارته الأخيرة للدوحة... بشر بها وحده، ولم تؤكد الحكومة ذلك، ولا الناطق الرسمي باسمها.. حتى أني سمعت بإحراج رئيس الحكومة حول مصداقية القرار وبروتوكول الإعلان... وأن قطر تشترط شروطا مسبقة لطالب التأشيرة..

جميل جدا أن يبشرنا رئيس مجلس النواب بقرارات تتم وفق سياق السياسة والتفاوض... لكن ليس من الحكامة في شيء أن تغيب حقيقة القرار الرسمي على المغاربة المعنيين بشأن السفر، أو السفر المضمر في هجرة  أو شغل...

فكيف يستقيم المطلب؟

هل نطلب من الحكومة التفاوض من أجل فتح حدود الدول الأخرى كي تمنحنا الحق في السفر بدون تأشيرة؟

وهل نرفق المطلب بشعبوية تطابق القرار بين من يدخل المغرب بدون تأشيرة ، وبين من تطالب دولته تأشيرة لمواطنينا مسافرين أو مهاجرين أو منفيين؟

وهل نقايض الموقف السياسي بالتأشيرة؟

وهل إلغاء التأشيرة مطلب شعبي أو مطلب نخب؟