عبد اللطيف قيلش: ك.د.ش والربط الجدلي بين المشروع الاجتماعي والمشروع السياسي

عبد اللطيف قيلش: ك.د.ش والربط الجدلي بين المشروع الاجتماعي والمشروع السياسي عبد اللطيف قيلش

حاجة المغرب إلى الكونفدرالية الديموقراطية للشغل:

رغم الوظيفة التضليلية التي تقوم بها العديد من الأجهزة الموكول إليها هذه المهمة، ورغم بعض أحكام التجني، فإن القراءة الموضوعية للتاريخ المغربي المعاصر لا تستقيم بدون الوقوف على الأدوار التي قامت بها الكونفدرالية الديموقراطية للشغل كمنظمة عمالية، وتمكنت من أن تبصم هذا التاريخ كقوة مجتمعية.

منذ ميلاد هذه المنظمة النقابية في نونبر 1978، شكلت هويتها الجامعة لتعدد الأدوار والواجهات، وقطعت مع الوظيفة الاختزالية التي تأسر النقابة في المطالب وهو بالتأكيد من صميم مهامها. تشكل وعي جماعي مدرك لإشكالية المسألة الاجتماعية وأعطابها وعللها. إنها أعطاب وعوائق التقدم والتنمية، والعلاقة بقضية الديموقراطية بالمغرب. إدراك جوهر الأعطاب، يجنب السقوط في الحلول الاقتصادوية والتقنوية، ما جعل القضية الاجتماعية وقضية الطبقة العاملة في صلب قضية الديموقراطية، ما يعني الربط الجدلي بين المشروع الاجتماعي والمشروع السياسي كسبيل للخروج من واقع التخلف وواقع التأخر.

إن النبش في الرصيد النضالي للكونفدرالية الديموقراطية للشغل، واستقراء دلالات المحطات النضالية وتواريخها الرمزية وإيحاءاتها، وربط الماضي بالحاضر، يكشف تعدد واجهات النضال بين البعد القومي ومركزيته القضية الفلسطينية، والبعد الوطني وما تمثله القضية الوطنية من ربط بين الإنسان والأرض، والبعد الاجتماعي وما تمثله مطالب وحقوق وكرامة الشغيلة كمدخل لدورها في النسيج الاقتصادي والاجتماعي، وكصانعة للثروة وللمستقبل، والبعد السياسي وهو المرتبط بقضية الديموقراطية في أبعادها المتعددة سياسيا واقتصاديا واجتماعية. شكل هذا التعدد في الفعل النضالي، الترجمة العملية للتصور النظري.

إنه مسار نضالي وكفاحي تجسد في التركيب بين الدفاع عن الحريات النقابية والحقوق العمالية، وحق الشعب المغربي في العيش الكريم، والتصدي للقرارات الماسة بالقدرة الشرائية (20يونيو1981-14دجنبر1990..)، والمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ومعتقلي الحراكات الاجتماعية (معتقلي الريف...)، والموقف من دستور 2011 (المقاطعة وهو نفس موقف اليسار ).

في كل الظروف والأزمات، وآخرها سياق جائحة كورونا أثبتت الكونفدرالية الديموقراطية للشغل بمسؤولية وطنية أن قضايا الأجراء ليست موضوعا للمقايضة ولا للمساومة، وأن الظرفية لا ينبغي اتخاذها ذريعة للإجهاز على المكتسبات والحقوق، وأن الدرس البليغ من الجائحة يتمثل في الحاجة إلى الديموقراطية والعدالة الاجتماعية.

تدل تفاصيل ووقائع التاريخ السياسي والاجتماعي بالمغرب، أن الأمر لا يتعلق فقط بحاجة الطبقة العاملة وعموم المأجورين والشعب المغربي إلى الكونفدرالية الديموقراطية للشغل، بل حاجة المغرب إلى هذه المنظمة.