كما كان منتظرا وبناء على طلب تقدم به نواب اسبان إلى البرلمان الاوروبي بخصوص ما اعتبروه ابتزاز سياسيا واستغلال القاصرين لذلك عبر السماح لهم بالدخول إلى ثغر مدينة سبتة المحتلة.
وهكذا أدان البرلمان الأوروبي المغرب، دون حتى أن يكلف نفسه عناء التقصي في جذور الخلاف والذي يرجع بالأساس إلى استقبال اسبانيا لزعيم الانفصاليين بجواز سفر مزور وبهوية غير هويته.
اذن التغاضي عن تطبيق القانون الذي يتبجح به الاتحاد الاوروبي ومسائلة اسبانيا بشأن هذه الواقعة التي تسيء إلى السلطة القضائية والى الفصل بين السلط ثم بعدها سمو القانون على الاشخاص سواء كانوا ذاتيين او اعتباريين يكرس لنظرية الاستعلاء وسمو الجنس الاوروبي على باقي الاجناس بل يؤكد على أن اوروبا سائرة على نهج ايزبيلا ملكة قشتالة والتي كانت تصرح دائما على أن الخير كل الخير لإسبانيا ان يبقى المغربي جاهلا ضعيفا ومشتتا وفقيرا ليسهل طبعا استنزاف ثرواته واخضاعه لإملاءات وشروط الاتحاد الأوروبي الذي ابان عن وجهه البشع وبالتالي اسدل الستار عن القيم التي طالما اطربنا بها والمتعلقة بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها كونيا. وبما أن رب ضارة نافعة فليس أمام المغرب سوى مراجعة حساباته وعدم رهن مسقبل الاجيال القادمة بمزاجية نزعة الملكة ايزابيلا بمعنى انه اصبح لزاما على المغرب ان ينوع شراكاته الاقتصادية والتجارية والثقافية والسياحية بعيدا عن التبعية للاتحاد الاوروبي والتي أثبتت التجارب انها غير ناجعة.
وورقة الضغط الوحيدة والفعالة التي يملكها المغرب هي بناء اقتصاد قوي يكون رافعة لتنمية بشرية مستدامة ويفسح المجال امام منافسة حقيقية تقطع مع نظام الريع ونظام الامتياز. لن نحن طبعا إلى الاندلس ولكن أمامنا فرص تاريخية لا يجب اهدارها او التعثر في تنفيذها.
المغرب في حاجة ماسة إلى جميع أبنائه والى كافة الفرقاء الاجتماعيين في حاجة كذلك إلى طي صفحة الماضي الاليم والى القطع مع جميع مظاهر الفساد ونهب المال العام لأن أكبر ما يسيء إلى دولة المؤسسات هو اأن يفقد المواطنون ثقتهم بها.
والأكيد أن حصيلة الفساد والرشوة والريع ثقيلة جدا وتشكل نسبة كبيرة من الناتج الداخلي الخام كما ان ترشيد النفقات العمومية وحده الكفيل ببناء وتشييد ما يحتاجه المغرب من مرافق عمومية ومن مستوصفات ومستشفيات ومدارس وجامعات.
هي وصفات اكيد انها لا تتطلب موارد مالية كبيرة لتنفيذها لكن مع ذلك تبقى ضرورية للرد الحازم على استفزاز الاتحاد الاوروبي ككل وعلى قرارات برلمانه والتي وان لم تكن ملزمة فهي تشكل انتكاسة حقيقية للسياسة الخارجية المغربية التي تحتاج هي الاخرى إلى إعادة التقييم وإعادة النظر حتى لا يعتقد الاوروبيون اننا دركهم نحرس شواطئهم وامنهم ونمنع عنهم تدفق المهاجرين واللاجئين مقابل مساعدات لا تسمن ولا تغني من جوع او مقابل اتفاقيات للصيد البحري او الفلاحة لا يستفيد منها الا الاوروبيون.