تعرف إسبانيا تقسيما للعبة بين الجيش والأحزاب.
فالأحزاب الإسبانية تحكم في الداخل، والجيش الإسباني يتحكم في الأمور السيادية. ومادام الجيش الإسباني يتوفر على فائض من جينات الديكتاتور فرانكو والملكة الحاقدة إزابيلا، سيبقى المغرب في نظر إسبانيا، هو العدو المفترض الواجب تقزيمه وإضعافه وضرب مصالحه.
الدليل على ذلك أنه في أوج تخدير إسبانيا للعقل الرسمي للمغرب في السنوات العشر الأخيرة بشعارات: "الشراكة" و"التعاون" و"التحالف" و"الأخوة" و"الصداقة"، كانت إسبانيا تغرس أنيابها في التربة الاقتصادية بالمغرب لدرجة أنها تحكمت في معظم الأنشطة ببلادنا واستولت على العديد من الفروع والقطاعات بما في ذلك قطاعات لا تتطلب تكنولوجيا خارقة أو استثمارات باهظة (مثلا أعدمت حكومات المغرب شركات مغربية في الكاروسري وتركيب الهياكل وباعت البلاد لشركة irizar الإسبانية التي تبيع الطوبيسات لشركة alsa الإسبانية، وهذا مجرد نموذج). وما كان لذلك أن يتم لولا مباركة وتزكية سياسيين مغاربة فاشلين ومنتخبين جاهلين بالرهانات ولوبيات اقتصادية محلية متواطئة و"بايعة الماتش".
بالمقابل، وبدل أن ترد إسبانيا الجميل للمغرب، نجدها تعرقل وتزرع الألغام كل يوم في وجه المقاولات المغربية المختصة في نقل البضائع والسلع الفلاحية والغذائية من المغرب نحو أوربا، عبر عرقلة مرور الشاحنات المغربية: تارة باسم حماية المستهلك وتارة تحت ذريعة حماية البيئة.
المقرف أن الشاحنات والحافلات المغربية، لا تمثل حتى 1 في المائة من الرواج الطرقي التجاري بإسبانيا، ومع ذلك كانت مدريد تلجأ إلى أحقر الأساليب لتعطيل حركية مرور شاحنات المغرب وتتشدد معها في المراقبة، لقتل ما تبقى له من شريان اقتصادي وفاء لعقيدتها الباطنية: المغرب عدو، والعدو يستحق الإضعاف !
إن العلاقات المغربية الإسبانية (وكما سبق أن كتب الزميل عبد الكريم الموس، مدير تحرير سابق بوكالة"لاماب")، هي نهر مضطرب على مر التاريخ: لم يجد أبدا مجراه، كما لم ينعم أبدا بصبيب هادئ.
فعلى مر التاريخ نسجل أن الأصل في علاقتنا مع العدو الشمالي هو التوتر والأزمات، والاستثناء هي بضع انفراجات مؤقتة وخادعة. وظلت علاقتنا مع الإسبان موسومة بإعلانات نوايا وردود عليها، دون أن نتمكن من بلورتها على شكل أفعال وأعمال على أرض الواقع.
فهل هي لعنة إلاهية أم مجرد أخطاء إنسانية؟
شخصيا: أعتبر إسبانيا "لعنة إلاهية" أصابت المغرب شمالا!