بعد الإعلان عن افتتاح قنصلية الإمارات العربية في مدينة العيون وتدشينها يوم الأربعاء 04 نونبر2020 بمدينة العيون في قلب الصحراء المغربية، بحضور وزير خارجية البلدين، شنت المواقع الصحفية المقربة من الجيش والمخابرات العسكرية الجزائرية، حملة دعائية ضدّ الإمارات العربية. وفي هذا الصدد سارع تلفزيون النهار الجزائري إلى ربط هذه الخطوة بملف التطبيع مع الكيان العبري، متهماً الإمارات بلعب دور العراب.
في حين ذهبت جريدة الشروق الجزائرية أبعد من ذلك، متهمة "الإمارات بالحكم الفردي الاستبدادي، وأنها "لو كانت دولة ديمقراطية وتحترم نفسها لما قامت بهذه الخطوة"، وهذا تهجم واضح على دولة اتخذت قرارا سيادياً. ويبدو أنّ جنرالات الجزائر، الحكام الفعليين في الجزائر، لم يجرؤوا على إصدار موقف رسمي من خلال بيان وزارة الخارجية الجزائرية مثلما فعلوا مع الدول الإفريقية التي فتحت قنصليات بمدن العيون والداخلة، حيث كانت الخارجية الجزائرية؛ قد استدعت سفير الكوت ديفوار للاحتجاج، وهو ما لم تقم به مع الإمارات؛ بل إن وزير الخارجية الجزائري لم يملك الشجاعة حتى لذكر اسم دولة الإمارات على لسانه عندما طرح عليه صحافي جزائري يوم الأحد 01 نونبر2020 سؤالا عن موقف الجزائر من الإمارات، فتهرب من الجواب وكرر كلاما فضفاضا عن دعم الجزائر لتقرير المصير، ناسيا أو متناسيا أن الشعب الجزائري يطالب بتقرير مصيره الاستقلال عن حكم العسكر منذ ما يقرب من السنتين في مظاهرات مليونية كل جمعة، فكيف يطلب تقرير المصير أربعين ألف لاجئ في تندوف ويمنع 40 مليون جزائري من تقرير مصيره!؟
ولكن خطوة الإمارات كشفت الجبن وانعدام الشجاعة لدى حكام الجزائر؛ إذ في الوقت الذي أصدرت فيه الخارجية الجزائرية بيانات تندد بفتح الدول الإفريقية قنصليات في الصحراء المغربية، بلع السيد بوقادوم ، وزير خارجية العسكر الجزائري لسانه، وخانته الشجاعة والأنفة المزعومة أمام دولة الإمارات. وهذا لوحده دليل على الإفتراء والكذب والتضليل الذي تمارسه الدولة الجزائرية حين تزعم أنها تدافع عن قضية مبدئية، وهي غارقة في ازدواجية المواقف وتناقضها سواء في مسألة قنصلية الإمارات، او في ملفات دولية أخرى ليس هذا مكان بسطها.
ولتفسير هذا الجبن والخور أمام الإمارات، لابد من التذكير بالعلاقة التي تربط جنرالات الجزائر بالإمارات، فالجنرال قايد صالح، قائد الجيش السابق ، كان يزور أبو ظبي أكثر من زياراته لمدن جزائرية خارج العاصمة، ووريثه الجنرال شنقريحة، فور تعيينه قائدا للجيش الجزائري، قام بزيارة رسمية إلى أبو ظبي، وهي الزيارة الوحيدة التي قام بها إلى خارج البلاد منذ توليه المنصب، وهذا راجع إلى الاستثمارات الإماراتية الضخمة في الجزائر؛ وخاصة في مجال التصنيع الحربي الذي يشمل مدرعات من نوع نمر 1 إلى نمر5، كما يشمل تصنيع طائرات مسيرة drone.، وغيرها من الأسلحة والآليات الحربية.
وبهذه الازدواجية في المواقف تكون الجزائر قد مارست "الحكرة" أو الاحتقار الاستكبار على دول افريقية، بينما انبطحت أمام الإمارات التي مرغت أنفها في رمال الصحراء المتحركة.
و من نافلة القول؛ التذكير بأن الجزائر تسعى إلى تمزيق وحدة المغرب الترابية وفصله عن صحرائه منذ خمسين سنة من خلال احتضان مليشيات جبهة "البوليساريو" الانفصالية، وتسليح عناصرها وتدريبهم وتمويلهم، ومن خلال تجند الدبلوماسية الجزائرية للترويج للمشروع الإنفصالي في المحافل الدولية. وقد تكبد النظام الجزائري خسارة تقدر ما بين 100 إلى 350 مليار دولار منذ اندلاع الصراع، صرفتها الجزائر لشراء أصوات الدول الإفريقية؛ وتمويل الحملات الدبلوماسية المناهضة للمغرب، بالإضافة إلى تكاليف حرب الاستنزاف ضد المغرب ما بين 1975 و1991، ولا ننسى كلفة احتضان مخيمات تندوف.
هذا دون احتساب ميزانية الجيش الجزائري التي تلتهم ما بين 5 إلى 10 مليارات دولار سنويا بسبب سباق جنوني نحو التسلح الذي أنهك الاقتصاد الجزائري، وأوصل الجزائر إلى الاحتقان الاجتماعي الذي أدخلها في احتباس سياسي غير مسبوق؛ يتجلى في الحراك الشعبي ومقاطعة الشعب الجزائري للانتخابات الرئاسية في دجنبر 2019، ومقاطعة الاستفتاء على الدستور بنسبة فاقت 75%؛ وهو ما يعني فقدان النظام الحالي لأي شرعية، ودفع الجزائر نحو المجهول أو نحو الانفجار الكبير. Big-bang.