"هي حمقى وحنا كنقولو ليها زغرتي".
هذا ما ينطبق بامتياز على حكومتنا الحمقاء التي تسير شؤوننا. ففي أوج كورونا، وفي ظل الخصاص الفظيع الذي يعانيه المغرب من الأطباء والممرضين وتقنيي الصحة، تأبى الحكومة إلا أن تستفز المغاربة أكثر، عبر إحداثها لمناصب مالية قليلة جدا لا تتعدى 20.956 منصب شغل في القانون المالي لسنة2021.
وفي الوقت الذي كان الراي العام يتطلع إلى أن تكون حصة قطاع الصحة هي الأعلى لتدارك الخصاص الرهيب المتراكم منذ الحكومات السابقة، اختارت حكومة العثماني تكريس طابعي القمعي بتخصيص 500 منصب للسجون التي تأوي 85.000 الف سجين، في حين لم تخصص ل36.000.000 مواطن سوى 5500 منصب في قطاع الصحة موزعة على كافة المسؤوليات ( طبيب، ممرض، تقني، إداري، إعلامياتي، محاسب، الخ...). أي أن أن الحكومة تدلل السجون على حساب المستشفيات والمراكز الصحية. فلكل 170 سجين خلقت حكومة العثماني منصبا ماليا جديدا، في حين لم تخصص سوى منصبا ماليا لكل 6550 مواطن في قطاع الصحة.
وتزداد المفارقة حدة، إذا ربطنا ذلك بقطاع التعليم العالي، بحيث لا يستقيم الحديث عن قطاع الصحة دون ذكر كيف وأين سيتم تكوين الأطباء ومن سيكونهم. إذ بسبب النزيف المؤلم الذي شهدته كليات الطب في العهد البائد(عهد حكومة بنكيران ووزيره الوردي)، أضحى المغرب يواجه مأزقا خطيرا في مجال تكوين الأطباء بعد عملية تفريغ الكليات من الأساتذة.
وكمثال، نستشهد بكلية الطب بالبيضاء التي كانت تضم عام 2010( قبل مجئي بنكيران والأصوليين للحكم)،400 أستاذ. أما اليوم وبعد عشر سنوات تقريبا من تدبير بنكيران والعثماني، نجد كلية الطب بالبيضاء لا تتوفر سوى على 200 أستاذ بشكل يعمق من معضلة التكوين والقدرة على تخريج عدد مهم من الأطباء.(لا ننسى أننا فشلنا في تخريج 3300 طبيب كل عام رغم بناء كليات جديدة ومراكز جامعية جديدة وصلت إلى ست كليات طب تضاف لهم كلية خاصة بالبيضاء بسبب قلة الأساتذة المؤطرين).
ولما نتصفح القانون المالي لسنة2021، نجد "الحكومة الناقصة عقل ودين"، لم ترصد سوى 1044 منصب لكل أسلاك التعليم بمختلف مستوياته.
لا، ليس هذا وحسب، بل علينا أن نسقط من هذا العدد 700 منصب وضعت رهن إشارة رئيس الحكومة لتسوية وضعية موظفين حاصلين على الدكتوراه ألحقوا سابقا بجامعات مختلفة للتدريس، وبالتالي لن يتبقى عمليا سوى 344 منصب خالص بقطاع التعليم في الموسم المقبل: فلمن سنرصد هذا العدد اليتيم المتبقي من المناصب: هل لكليات الطب او الحقوق أو العلوم او الهندسة أو الآداب أو لمعهد الزراعة أو لقطاع التعليم الثانوي او الإعدادي أو الابتدائي او للإدارة برئاسة الجامعات والأكاديميات؟
آه، أنا أتبنى منهجا عقلانيا، ونسيت أني أخاطب حكومة بلهاء لاعقل لها ولا منطق، حكومة تدلل الإرهابيين والقتلة بالسجون وتوفر لهم المأكل والمشرب والخلوة الشرعية والتطبيب والاستشفاء ، وتتلذذ بتعذيب المغاربة النشطاء المنتجون للثروة وللضرائب، وتحرمهم من الحق في الأمن الصحي !.