في حوارها مع جريدة "الأخبار" ليوم 19 أكتوبر 2020، كشفت الدكتورة نبيلة الرميلي، المديرة الجهوية للصحة بجهة البيضاء، أن مجموع الوفيات بسبب جائحة كورونا بأكبر جهة بالمغرب، بلغ منذ مارس الماضي، ما مجموعه 651 حالة وفاة، أي ما يمثل معدلا قدره 93 حالة وفاة شهريا بسبب كورونا بالجهة. وأرفقت المسؤولة الرميلي استشهادها بالتأكيد أن الوضع الوبائي "خطير جدا" بالجهة.
وهنا بيت القصيد، إذ خلقت نبيلة الرميلي الالتباس أكثر مما زرعت الاطمئنان لدى الرأي العام.
فالدكتورة الرميلي اعترفت بعظمة لسانها أن مجموع الوفيات خلال سبعة أشهر (مارس - أكتوبر 2020) بلغت 651 حالة بتراب جهة الدار البيضاء سطات. وإذا قسمنا هذا العدد على الأيام سنجد أن مجموع الوفيات في اليوم الواحد بالجهة بسبب كورونا، لا يتجاوز 3.1 حالة وفاة في اليوم لساكنة تصل إلى 7 ملايين نسمة موزعة على 9 عمالات وأقاليم (البيضاء، المحمدية، النواصر، سطات، برشيد، بنسليمان، سيدي بنور، مديونة، الجديدة). أي أن معدل الوفيات يشكل 0.00004 في المائة من مجموع السكان بالجهة !
إذا كان الأمر كذلك، هل يحق للسلطة العمومية أن تبالغ في تشديد الإجراءات الاحترازية بشكل كبير في جهة الدار البيضاء، مقارنة مع باقي التراب الوطني؟
طبعا، نحن لا نشكك في الوباء أو في خطورته وخطورة أي مرض. ولكن سوء تواصل الحكومة ومرؤوسيها وإمساكها عن قول الحقيقة بشأن أرقام الإصابة وتوزيعها حسب كل حي بكل عمالة، وبروفيل المصابين، خلق بياضات كبرى زادت من القلق لدى الرأي العام.
تأسيسا على منطق الدكتورة الرميلي، نود فقط التذكير أن مجموع الوفيات العادية (موت الله! أو حوادث سير أو أمراض أخرى مألوفة) بتراب جهة الدار البيضاء سطات يتراوح بين 120 و130 حالة وفاة في اليوم بعمالات وأقاليم الجهة ككل. ونصفها تقريبا يسجل في مقابر مدينة الدار البيضاء. فالعاصمة الاقتصادية تسجل بين 66 و70 حالة وفاة في اليوم، أغلبها يدفن بمقبرة الغفران (او مقبرة العظم) التي تستقبل في اليوم بين 40 و46 حالة وفاة عادية في حين يدفن الباقي: بين 16 و24 وفاة، في مقبرة الرحمة (أو مقبرة مولاي التهامي). ولا تمثل حالات كورونا سوى نزر قليل مقارنة مع حالات الوفاة الأخرى.
من هنا التساؤلات المقلقة:
- ما الغاية من إخفاء حقائق كورونا عن الشعب المغرب؟
- ما هو التوزيع المفصل للمصابين (حسب الأعمار وحسب الأحياء وحسب العمالات وحسب الأشهر، وحسب الخطورة…إلخ)؟
- لماذا تنفرد الحكومة في اتخاذ تدابير الحجر الصحي وإلزام الناس بالمكوث في أحيائهم مع ما يترتب عن حالة الطوارئ والحجر الصحي وحظر التنقل من تعطيل للحركة الاقتصادية والتجارية وتشريد آلاف العمال؟
- لماذا تحولت الدار البيضاء إلى "بؤرة تدبيرية" لخنق سكانها وتجارها ومطاعمها ونواديها وحماماتها ومعاملها، بدعوى أن كورونا يفتك بالناس، والحال أن الإحصائيات الرسمية التي كشفتها المديرة الرميلي تنهض كحجة ضد الحكومة وليس كمبرر لممارسة ديكتاتورية مقيته في حق مدينة تعد عاصمة أكبر جهة بالبلاد وقلب المغرب النابض!؟