ليترجم المغرب مفهوم الجهوية الموسعة على أرض الواقع، على المغاربة انتظار 500 ألف سنة ضوئية!!
المبالغة في رسم هذا السقف الزمني ليست ضربا من العدم أو الجنون، بقدر ماهي نابعة من المعاينة الميدانية التي تبرز ان المسؤولين المركزيين والجهويين والمحليين يعتنقون عقيدة الكذب والضحك على الشعب المغربي.
الأدلة لا تعدمنا للبرهنة على ذلك، وحسبنا هنا في هذا المقام الاستشهاد بحالة فاضحة بالدارالبيضاء، تتجلى في الأوطوروت الرابطة بين حي النسيم وطريق دار بوعزة الساحلية، مرورا بحي الماز وفرح السلام وجنان اللوز من جهة والمشاريع العقارية الهائلة بمدينة الرحمة من جهة ثانية.
هذه الأطوروت الممتدة على مسافة تسعة كيلومترات، تعرف في القاموس باسم "الطريق المداري الجنوبي" la rocade sud . ورغم أن هذه الطريق تتبع للنفوذ الترابي للدار البيضاء، إلا أن هناك تنازعا حول سيادتها وتدبيرها وصيانتها من طرف مجموعة من الأجهزة العمومية، وكل واحد "يلغي بلغاه" بشكل أثر على مصالح المواطنين وخلق تأثيرات خطيرة على أرواح وممتلكات مستعملي هذه الطريق الذين "يعدم" منهم كل يوم واحد او اثنين من المغاربة، ناهيك عن الجرحى الذين تملأ بهم مستشفيات الجهة. السبب يعود لكون هذه الطريق تعرف منحدرات خطيرة وغير مدروسة من جهة( مثلا رومبوان قرب حي ألماز أو المنعطف الرهيب قرب جنان اللوز) ولكون وزارة النقل لم تضع أي تشوير أو رادارات ثابتة لتنبيه أو لردع جزء من السائقين من جهة ثانية، مما جعل المدار الجنوبي الغربي يتوج كأخطر وأسوأ مقطع طرقي بالمغرب.
فالمتدخلون في هذا المقطع هم:
في الضفة الشمالية نجد: ولاية الدار البيضاء ووزارة النقل ومجلس مدينة الدار البيضاء وعمالة الحي الحسني. أما في الضفة الجنوبية فنجد: عمالة اقليم النواصر وجماعة دار بوعزة وجماعة أولاد عزوز . وعلى المستوى الأمني نجد بوليس الحي الحسني التابع للبيضاء ( الذي يحكم في الجهة الشمالية من حي الماز إلى الطريق الساحلية) وبوليس مدينة الرحمة التابع لإقليم النواصر( الذي يحكم الضفة الأخرى من الطريق الساحلية إلى قنطرة ليساسفة) والدرك الملكي التابع للقيادة الجهوية بزنقة عثمان بن عفان (الذي يحكم من حدود قنطرة ليساسفة إلى قنطرة واد بوسكورة).
أهمية هذا المقطع الطرقي تتجلى في كون المخطط الحضري لما وضع التصميم المديري للدار البيضاء عام 2009، فتح بضفتي الأوطوروت حوالي 3000 هكتار في وجه التعمير، سواء بالمقطع التابع لعمالة الحي الحسني أو ذاك التابع لإقليم النواصر المجاور( وهذه المساحة المفتوحة تعادل ثلث مساحة مدينة الرباط تقريبا). مع ما يترتب عن ذلك من إعمار المنطقة وتأهيلها لتستقبل حوالي 500 ألف نسمة في أفق 2030، علما أن التقديرات الحالية تشير إلى كون هذا الشريط الضاحوي المحاذي للمدار الجنوبي الغربي تقارب ساكنته اليوم حوالي 300 ألف نسمة(نقصد: مشاريع فرح السلام وقصبة الأمين واللوز وحي الماز وإيسلان وعمارات KLK ورياض صوفيا، تم العالية واليانس والضحى ومشاريع إيواء دور الصفيح في المشاريع السكنية الضخمة بمدينة الرحمة).
وبدل أن يكون هذا المشروع الطرقي المهيكل فرصة أمام المسؤولين لتسريع وثيرة إعمار هذا الشريط الضاحوي للبيضاء، وتصحيح الأخطاء العمرانية المرتكبة لتخفيف عذابات السكان ومستعملي الطريق المداري، نجد الأجهزة العمومية(معينة كانت أو منتخبة) غير مبالية و"مامسوقاش" بشكل يعد طعنة غادرة في ظهر المغاربة.
وكاقتراح عملي(مادام كل مسؤول تنصل من تحمل مسؤولية تصحيح أخطاء الطريق المداري الجنوبي الغربي وحماية أرواح المواطنين)، ندعو أصحاب القرار المركزي إلى ابتكار مؤسسة جديدة تتولى تهيئة هذا المقطع تعيين " والي جديد لصاحب الجلالة على المدار الجنوبي الغربي للبيضاء"، عسى أن يأتي الفرج على يد هذه المؤسسة الجديدة، مادام سكان الدار البيضاء عامة وسكان عمالة الحي الحسني والنواصر خاصة، "غسلوا أيديهم" وكفروا بآلهة الولاية والعمالة والجماعة والوزارة !