أما الاعتبار الثاني فيتجلى في أن الأحزاب، حسب الدستور، هي التي تؤطر المواطنين من جهة، وتدبر الشأن العام عبر منتخبيها بالبرلمان والحكومة والجماعات الترابية، وبالتالي من حق المواطن أن يراقب هذه الأحزاب لمعرفة كيف ستفرز النخب التي سترهن مصير المغرب والمغاربة لسنوات بقرارات وسياسات عمومية: وهل ستكون نخبا مؤهلة وكفؤة "ولها الكبدة على البلاد والعباد"، أم ستفرز الأحزاب نخبا "ملهوطة" على العلف والريع والامتيازات والغنائم؟!
تأسيسا على هذا من حق "الوطن الآن" و"أنفاس بريس" وغيرهما من المؤسسات الإعلامية، أن تقف عند الوضع المؤلم الذي آل إليه حزب بنبركة وبوعبيد واليوسفي.
ففي الوقت الذي كان مأمولا من قيادة حزب الاتحاد الاشتراكي أن تكون في صدارة التعبئة لمواجهة جائحة كورونا وتسخير أذرع الحزب الإقليمية والجهوية والمحلية والنقابية والجمعوية والنسوية والشبابية والقطاعية، لمواجهة تراخي السلطة العمومية ولا مسؤولية بعض أرباب المقاولات وبعض المواطنين أو عدم وعيهم بمخاطر الاستهتار بالحجر الصحي، إذا بهذه القيادة تنشغل في الدسائس والحروب الصغرى الهادفة لإلهاء الرأي العام.
فقد تتبعنا جميعا نكسة الاتحاد الاشتراكي -في شخص وزير العدل محمد بنعبد القادر- في قضية قانون تكميم الأفواه (قانون 22.20 الخاص بتنظيم شبكات التواصل الاجتماعي)، وهي النكسة التي كان مفروضا في زعيم الحزب، إدريس لشكر، أن يكون في طليعة المستنكرين والرافضين، فإذا به يتحول إلى حامي "وزير النكبة" وعراب الردة الحقوقية.
فكلما اشتد الطوق على إدريس لشكر، من طرف مناضلي الاتحاد الاشتراكي وقياداته الوطنية والجهوية، إلا ويقوم بالتهييج ضدهم في الوسائط الاجتماعية مستلهما نموذج حليفه في البيجيدي: الوزير مصطفى الرميد، الذي يتقن بدوره هذه اللعبة. والغرض طبعا هو تحويل النقاش من وجوب نزع الألغام من الحقل الاتحادي وفضيحة قانون 20.22 إلى قضايا جانبية وهامشية.
نعيش هذا التهييج اليوم، ضد حسن نجمي، كما عشناه في محطة المؤتمر الأخير لحزب الوردة وكذا أثناء تشكيل الحكومة الحالية، وهو تهييج لا يستند على أساس، بدليل أن لشكر قال في خرجاته أن المكتب السياسي للحزب يجتمع بانتظام، في حين أن أغلب أعضاء ألحوا على لشكر (سواء عبر مجموعة الواتساب الخاصة بهم أو عبر الرسائل المكتوبة التي وجهها 11عضوا) عقد اجتماع المكتب السياسي لتجاوز حالة الشلل التي أصابت أعلى جهاز تقريري بالحزب.
لقد قلناها ونعيد قولها اليوم: إن ردم رباعي تمييع العمل السياسي التي انطلقت مع انتقاء بنكيران وإلياس العماري وشباط ولشكر لقيادة المرحلة السابقة لن تكتمل إلا بلفظ الحلقة الرابعة المتبقية والمتمثلة في وجوب إبعاد لشكر من واجهة الاتحاد الاشتراكي.
فانتخابات 2021 على الأبواب، وحزب الوردة تعرض لضربات موجعة أنهكته، والمخرج المتبقى لإنقاذ ماء الوجه في المحطة الانتخابية المقبلة، أن يدخل الاتحاديون لمعركة 2021 بزعيم جديد وبقائد آخر يغسل عار لشكر وأوساخ سياسة بنعبد القادر!