ولتأصيل مسطرة العفو وجب الرجوع إلى الظهير الشريف رقم 1.57.387 الذي ينص في فصله 9 على أنه تؤسس بالرباط "لجنة العفو"، تكلف بدراسة المطالب الملتمس فيها العفو من قضاء العقوبات والاقتراحات التي تقدم تلقائيا لهذه الغاية، ويأتي الفصل 10 ليستعرض تركيبة اللجنة المعنية فيحددها في وزير العدل او مفوضه بصفته رئيس، والمدير العام للديوان الملكي أو مفوضه، والرئيس الأول لمحكمة النقض او ممثله، ومدير القضايا الجنائية والعفو او ممثله، ومدير إدارة السجون، و ضابط من الأركان العامة للقوات المسلحة الملكية اذا كان الأمر يتعلق بعقوبات أصدرتها المحكمة الدائمة للقوات المسلحة الملكية، ويتولى كتابة اللجنة موظف تابع لوزارة العدل، وحين نعرف قيمة وحجم تركيبة هذه اللجنة نتأكد أن حظوظ الخطأ في دراسة الطلبات والوضعيات تكاد تكون منعدمة، ثم نصل إلى الفصل 12 الذي يحدد طبيعة عمل هذه اللجنة في التالي "تدرس اللجنة المطالب او الاقتراحات الموجهة اليها ساعية في الحصول على جميع المعلومات وتبدي رأيها الذي ترفعه إلى الديوان الملكي لأجل البت فيه".
فمن من أعضاء اللجنة اقتنع بأن "قاطع الأيادي" يستحق تذوق نعمة العفو؟، وهل وقع الإطلاع على طبيعة جريمته البربرية فعلا، أم أن العفو عنه كان غلطة جديدة كالعفو على مغتصب الأطفال ذات سنة؟، فحتى من خلال حديث "قاطع اليد" عن جريمته لوسائل الإعلام بالصوت والصورة لا يظهر أنه ذو خلق ولا حسن سلوك، فقد خرج على الناس يروي تفاصيل جريمته بدم بارد غير نادم ولا باك ولا حتى متأسف ولا تائب زاهد في الحياة، ولا منفذ للتعويضات التي في عنقه ثمنا ليد أم كانت تتوجه للمستشفى لإسعاف ابنها ذي السنة من العمر.
ثم جاء بلاغ وزارة العدل الذي ينم عن خجل الوزارة من التاريخ، وغرقها في فضيحتها أمام الضحية والرأي العام، وكيف وجدت وزارة تحمل من العدل اسما نفسها تواجه أُمّا مقطوعة اليد، وتغسل الوزارة خطيئتها بدموع الضحية وهي تلوح بيدها المبتورة، فنحن نعلم ان الفصل 7 من ظهير العفو يؤكد أن "العفو لا يلحق ضررا بحقوق الغير"، لكن ألم تجد لجنة العفو غير "قاطع أيادي النساء" لتتوجه بنعمة العفو ويخرج على ضحيته حرا طليقا ليعيد قطع أملها في الحياة؟، كيف اقتنعتم بأحقيته في نيل العفو؟، وماذا يتوفر فيه وينعدم في غيره ممن لم يطله العفو؟، أجيبونا ببلاغ فيه روح القانون والمسؤولية والحكمة المتوخاة من ذلك.