بالمقابل وجد المغرب نفسه أمام فائض كبير من الدجالين وصيادي «الهمزات» ومصاصي «الامتيازات» وفائض في تجار الدين والمخدرات. وهو فائض من ممتهني الغنائم والريع الذين لم يقدموا أي قيمة مضافة للمغرب، بقدر ما شكلوا الآن عبئا على البلاد والعباد.
وإذا كان «البكاء من وراء الميت خسارة»، فالمأمول أن يضبط المغرب اليوم ساعته على زمن كورونا، والحرص على التحضير لميلاد مغرب آخر يقطع مع تجار الدين وتجار المخدرات الذين لوثوا المشهد العام ودنسوا السياسة وعطلوا تنمية البلاد.
اليوم على المغرب أن يضبط ساعته الصفر Temps Zeroعلى إيقاع أوجاع كورونا ليتصالح مع العقل والطب والتعليم والبحث العلمي ومع التصنيع ويرسم سقفا زمنيا لا يتعدى 10 أو 15 سنة على أبعد تقدير لتكوين جيل متعلم ومواطن ومتعلق بمؤسساته وواثق فيها.
ففي الدخول المدرسي المقبل ستكون بين يد الدولة فرصة ذهبية تتمثل في حوالي 8 مليون تلميذ وتلميذة تتراوح أعمارهم بين 7 و10 سنوات سيلجون المدرسة وهم «عقول خام». وهذه الدفعة بعد 15 سنة، ستبلغ من العمر بين 22 و25 سنة، أي السن المثالي لولوج ميدان العمل في القطاع العام والخاص، وهذه الدفعة هي من سيؤثث الإدارة والأبناك والمحاكم والتجارة والمصانع والضيعات الفلاحية لتحل محل هذا «المخزون» الذي سينقرض بعد 15 سنة بفعل الشيخوخة أو التقاعد أو الوفاة.
المغرب إذن أمام مفترق طرق: إما أن يحصن نفسه بموارد بشرية متعلمة وعقلانية لتكون له مناعة يواجه بها أي كارثة مستقبلا (كارثة وبائية أو اقتصادية أو بيئية…) بأقل كلفة وبأقل الخسائر، أو يستمر في البقاء تحت إبط التدبير المافيوزي لتجار الدين وتجار المخدرات. علينا الاختيار بين مغربين: مغرب الرقية الشرعية ومغرب الدجل والخرافة أو مغرب الرقية الرقمية والعقلانية!!