«للي بغا الكَراب في الصيف، يتصاحب معاه في الليالي».
هذا المثل ينطبق بامتياز على الواقع الحالي الذي يجتازه المغرب بسبب جائحة كورونا.
فطوال عقود، والأصوات الشريفة في البلاد تنادي بوجوب الاهتمام بالثالوث المقدس: الصحة والتعليم والإعلام العمومي، وها هو المغرب اليوم، وهو يواجه فيروس كورونا، يقف على أن ثقوب المناعة تسببت فيها سياسات الإهمال الكبير لقطاعات الصحة والتعليم والإعلام.
فرئيس الحكومة سعد العثماني يعترف بعظمة لسانه أن المغرب لا يتوفر سوى على 250 سريرا للإنعاش، وهو عدد قليل جدا لمواجهة أي طارئ صحي أو طبي، فأحرى أن يكون في عتبة مقبولة لمواجهة جائحة أو وباء مثلما يشهده العالم اليوم.
والتعليم ظل يبتلع معظم موارد الخزينة العامة دون أن يحقق النتائج المرجوة في تكوين أجيال متعلمة ومواطنة وواثقة في كل المؤسسات الدستورية من حكومة وبرلمان وجماعات ومؤسسات عمومية، بدليل أن معظم توجيهات السلطة الصحية ومعظم قرارات الحكومة الخاصة بالاحتراز من جائحة كورونا تم التعامل معها باستخفاف كبير من طرف فئة واسعة من المغاربة، لسبب بسيط أن مسالك التعليم لم تمكن هؤلاء من أن يشربوا «عقل المجتمع» و«قلب الدولة»، وكانوا يتعاملون مع بلاغات السلطات وكأنها بلاغات «سلطات الإقامة العامة» لا تعنيهم في شيء، مما قاد المسؤولين في كل مرحلة إلى التصعيد في اتخاذ القرارات الضامنة لحماية الصحة العامة.
ثالث معضلة تتجلى في تخلف الإعلام العمومي في مصاحبة الرأي العام وإخباره بالمعلومة الصحيحة وتحصينه ضد الإشاعات المغرضة، فضلا عن تكثيف برامج التوعية والأخبار لتكون قنوات القطب العمومي هي القناة التواصلية بين الشعب والحكومة.
وبحكم تهريب الإعلام العمومي وفصله عن هموم وقضايا المغاربة طوال العقود الماضية، هجر المغاربة قنواتهم التلفزية الرسمية، ولما «وصل المغرب إلى لمسكي» لم تعد تلك القنوات التلفزية تحظى بالمصداقية والمشروعية لتعبئة الرأي العام مثلما لعبته القنوات العمومية في دول أوربية.
لكن رب ضرة في طيها نعمة، والأمل أن تحدث جائحة كورونا صدمة لدى النخب السياسية لمصالحة المغاربة مع هذه الأضلاع الرئيسية الضامنة لتماسك الشعب وتلحيمه في السراء والضراء.
فالمغرب، كما باقي الدول، سيتغلب على جائحة كورونا كما سبق وتغلب على أوبئة عديدة فتكت به على مر التاريخ، لكن الوباء الفتاك والقاتل الذي يتطلب المواجهة الجادة هو القطاع الصحي المنهوك والتعليم المهدور والإعلام المغدور.