علال البصراوي: القضاء على الظواهر السلبية يتم بمزيد من الحرية وليس بالتضييق عليها

علال البصراوي: القضاء على الظواهر السلبية يتم بمزيد من الحرية وليس بالتضييق عليها علال البصراوي

حرية الرأي والتعبير حق أساسي من حقوق الإنسان تبنته كل المرجعيات الحقوقية والدينية والفلسفية، وهو حق أساسي لأنه يعزز كافة الحقوق الأخرى بل هو مدخل لها.

 

والمجتمعات تتقدم عادة بالحرية لأن الأفكار والإبداع والخلق لا ينمو وسط الخوف، والديمقراطية لا تتحقق وسط الغموض، حيث يضعف أو ينعدم التعبير عن الرأي، إذ تتم مناقشة الأحداث والتصورات وعمل المسؤولين، ويتم التمييز بين الغث والسمين. وكيف يتم ربط المسؤولية بالمحاسبة إذا لم يوجد نقاش عمومي يتم من خلاله الإشادة بالجيد وفضح الفساد أشخاصا وأفعالا؟ وكيف يمكن وقف الفساد إذا لم يتم فضحه بالتعبير الحر والمسؤول؟

 

وحرية الرأي والتعبير هي أيضا متنفس الأقليات لاحترام حقوقهم كبشر يعيشون وسط المجتمع لهم الحق في الحياة والوجود.

 

لذا فحرية الرأي والتعبير أساسية في كل مجتمع ولا يحد منها إلا القانون حينما يتعلق الأمر بأعراض الناس وحياتهم الخاصة أو الدعوة للعنف أو الكراهية.

 

وحتى حينما يتم التجاوز في إبداء الرأي نسبيا، فإن المجتمع يتحمل ذلك التجاوز لأن كلفة التجاوز أهون من كلفة خنق الحرية. لهذا تسعى المجتمعات لجعل مساحة الحرية أوسع، كما أن الصحافيين يتمتعون عادة بأنظمة خاصة تحول دون عقابهم بالسجن في حالة التجاوز حتى لا تثقل الأغلال أقلامهم فتنكسر وتصمت إلى الأبد.

 

أما تقييم ما يثار اليوم في المجتمع حول بعض ما ينشر على وسائل التواصل وما نتج عن ذلك من متابعات، فينبغي التذكير بأن كثيرا من الحالات ليست إلا نتاجا للمرحلة والتي تراجعت فيها الآراء والأفكار الحقيقية، فبرزت ظواهر ظاهرها مطالبات واحتجاج لكن بدون عمق فكري، لكن مع ذلك تجد من يتابعها ويسمعها وحتى من يدافع عنها، وهذا ناتج عن التسطيح والتتفيه الذي تعرضت له الحياة العامة، فغاب الفن الملتزم والرأي الجاد والانتقاد البناء وسادت ظواهر أخرى تسعى إلى جمع أكبر عدد من المعجبين الذين يتحولون إلى رصيد مادي. وهذه ضررها أكثر من نفعها على المجتمع حتى لو لبست لبوس الاحتجاج ومحاربة الفساد، لأن المجتمعات تبنى بالعلم وليس بالجهل حتى ولو كثر معجبوه. ولو فتح الباب للعلماء والمفكرين والفنانين الحقيقيين لما احتاجت الدولة إلى محاكمة تلك الظواهر.

- علال البصراوي، محامي بهيئة خريبكة